JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

اللغة خاصية إنسانية فريدة


اللغة خاصية إنسانية فريدة :
وإذا كان الأمر كذلك، فإنه يتحتم طرح السؤال التالي: كيف يمكن اعتبار اللغة الاصطلاحية وحدها هي ما يميز الإنسان ؟ بل كيف يمكن حصره فيها بالماهية؟
قد يتبادر للكثير منا أن يميز لغة الإنسان عن لغة الحيوان انطلاقا من الفرق الكمي الذي تزخر به لغة البشر مقارنة باللغة المحدودة للحيوانات, لذا فالتباين الكمي في نسق الرموز والإشارات التي يتواصل بها البشر يتجاوز بعدة أضعاف منظومة الإشارات الحيوانية، خاصة التي تعيش في مجموعات كما هو الحال عند قردة الشمبانزي التي رصد لها حوالي 35 صواتا، لكن هذا الفارق الكمي لا يقارن بالفارق الكيفي الموجود بينهما
وهذا ما جعل جورج غسدورف يعتبر اللغة كلمة السر التي تدخل الطفل العالم الإنساني مستثمرا التجربة التي قام بها بعض علماء النفس بين طفل وقرد صغير، حيث لاحظ العلماء تشابه الاستجابات وتساوي القدرة على المنافسة. لكن 0 الفارق سرعان ما بدأ في الظهور وتعمق بعد أن تعلم الطفل اللغة، بينما بقي القرد حبيس المحيط الطبيعي و عالم الغريزة ؛ «.. فالحد الذي يفصل بينهما هنا فصلا مطلقا هو عتبة اللغة . ولا يتوقف الأمر عند حدود هذا الاستنتاج، بل أن ذلك يفند الطابع المادي للغة، الذي يروج له بعض الأطباء وعلماء التشريح؛ فالشروط العضوية من دماغ وحبال صوتية ولسان وتجاويف أنفية وفموية تقوم بالأساس بوظائف حيوية عضوية : إذ اللسان موضوع للتذوق بينما استخدامه في الكلام يعتبر وظيفة ثانوية بل أن « الكلام يباد و أنه وظيفة لا عضو لها خاصا بها». ومن هنا قالشروط العضوية لا تنتج اللغة الان .. وظيفة الكلام في جوهرها ليست وظيفة عضوية بل هي وظيفة ذهنية وروحية .

ولعل المقارنة بين لغة الإنسان وما يطلق عليه مجازا ( لغة الحيوان ) كفيلة بإثبات صحة هذا الطرح من حيث أن لغة الإنسان تتميز بخصائص تنفرد بها أهمها : و أنها مكتسبة عن طريق التعلم، لذلك فهي ليست موروثا بيولوجيا بل میراث اجتماعي ثقافي يتغير عبر التاريخ، عکس تعبيرات الحيوان الجامدة المتصلبة لا يرتبط وجودها عند الإنسان بالعقل وأثره فيها مدهش، فبدونه تکون مجرد ضوضاء خالية من المعنى، وهذا ينسحب على المقاطع الصوتية التي يصدرها الأخرس حيث أنه يربطها بالإشارات الحركية لتدل على معان يقصد من خلالها التواصل ؛ .. ففي حين أن الناس الذين ولدوا صما بكما، وحرموا من الأعضاء التي يستخدمها غيرهم الكلام، كحرمان الحيوانات أو أكثر، قد اعتادوا أن يخترعوا من تلقاء أنفسهم إشارات يفهمها من يجد الفرصة الكافية لتعلم لغتهم ؛ إننا نرى أن معرفة الكلام لا تستلزم إلا القليل من العقل .
و تتصف بازدواجية خاصية الكلام، إذ لها بنية مركبة تنقسم إلى مستويين
0000 ويتمثل في الأصوات التي تصدرها أثناء الكلام حيث تتألف الأصوات في مقاطع لتصير كلمات محددة ذات معنی .
 ب. المستوى التركيبي : وهو الذي يتضمن عناصر مركبة ذات معنى (الجمل)، على أن لا يتوقف التركيب على المفردات فقط بل على القواعد النحوية والصرفية.
* لها قدرة التحول من حيث أنها تمنح الإنسان المقدرة على أن يتكلم عن الأشياء والأحداث عبر الزمان والمكان . ولغة الإنسان ليست مرتبطة فقط باللحظة الراهنة ، بل تعود إلى الماضي وتنفذ إلى المستقبل، ولا تخبر عن الأشياء المادية فقط بل التصورات الفكرية

ولها قابلية الانتقال فهي تكتسب بالتعلم والمحاكاة، والذي يتيح ذلك وجود قدرة و استعداد فطري يسمح للإنسان بذلك، ولهذا تنتقل اللغة من جيل إلى جيل. ليس هذا فحسب، بل يمكن للفرد أن يتعلم لغة خارج جماعته اللغوية، فالعربي بإمكانه أن يتعلم لغة الفرنسي والعكس، بينما هذا غير ممكن في عالم الحيوان فالنحلة لا يمكنها أن تتعلم لغة غيرها .

واللغة عند الإنسان ترتبط بالإبداعية كتنظيم كلامي مفتوح يسمح بإنتاج وفهم عدد لا محدود من الحمل حتي التي لم يسبق سماعها، فالإنسان لا يردد فقط ما سمعه بل يجدد، وهذا لارتباطها بالفكر، الأمر الذي يجعلها تلائم كل أوضاع المتكلم. وبالرغم من أن جهاز النطق الإنساني ( الحنجرة اللسان، الحبال الصوتية .. إلخ ) محدود الحجم والأوضاع بحيث ينتج أصواتا محدودة .. ومع هذا العدد المحدود من الأصوات والحركات تنتج من التراكيب الصوتية ( الكلمات ) ما لا حصر له ( ملايين الكلمات)، ولا يستنفد هذا العدد إمكانياتنا لإنتاج كلمات جديدة وفقا لقواعد اللغة المصطلح عليها .3 كما تتسع لغة الإنسان للتعبير عن خبراته وتجاربه ومعارفه، بل تتعدى ذلك إلى التعبير عن التصورات العقلية والقيم الجمالية والمعاني النفسية، بعكس لغة الحيوان التي لا تتعدى حاجاته البيولوجية الغريزية، أو الانفعالات الأولية من لذة وألم : واللغة عند الإنسان لا ترتبط بالعقل فقط، بل بالإرادة أيضا، وهذا هو النمط الثاني من أشكال الاتصال، وهو الأسلوب المقصود ؛ فالإنسان يستعمل الإشارات والرموز بوعي ويستخدمها لتحقيق أغراضه وهو يقصد بها ذلك . ودليل خضوع التعبير اللغوي السلطان الإرادة مقدرة الإنسان على الكذب، فتطور وتعقد مظاهر الحياة الاجتماعية خلق دوافع أخرى للكلام غير طلب الحاجة والإخبار، بل خلق أغراضا أخرى كالعبث و المراوغة والإغراء، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتعمد الكذب
مما سبق يجب الإقرار بتفرد الإنسان باللغة عن سائر الحيوانات، ومن هنا فهي ميزة إنسانية خالصة، لذا يصح أن يقال عن الإنسان : « إنه حيوان ناطق ، بالماهية .
الاسمبريد إلكترونيرسالة