تحليل نص فريدريك روه في الأخلاق بين النسبي والمطلق
طرح المشكلة:
إن الأخلاق قيم ومبادئ وأفعال، تقوم على أحكام
معيارية وتهدف إلى تحديد ما يجب أن يكون عليه السلوك الإنساني من جهة الخير أو
الشر، وقد تعددت المذاهب الأخلاقية واختلفت في تحليل الحياة الأخلاقية، وفهم الفعل
الخلقي والحكم عليه، ومن هذه الزاوية جاء نص "فريديريك
روه" ليرد على تلك المذاهب الأخلاقية التي رفعت الأفعال الخلقية إلى
مستوى من المثالية تكاد تجرد الإنسان من حقيقته، وتفقده إرادته وما يهدف إليه في
الحياة. لأن القيم الأخلاقية ليست مجرد مثل، بل هي أفعال وسلوكات عملية نحياها
ونعيشها ونعبر بها عن كياننا الأخلاقي، وبالتالي يمكن الحكم على الفعل الأخلاقي
والتجربة الأخلاقية، وهذا ما يدفعنا إلى طرح الإشكال التالي : كيف نحكم على الفعل
الأخلاقي؟ وما هي المعايير التي نحتكم إليها؟ ومتى نحكم على إنسان ما أنه أخلاقي؟
في محاولة حل المشكلة
يری صاحب النص أن فهم حقيقة الفعل الخلقي،
والحكم عليه بوضوح ومعرفة الإنسان الأخلاقي لا تكون على مجرد مظاهر خادعة، أو
تقاليد تعارف عليها الناس، أو أحكام مثالية جاهزة ومعدة مسبقا، بل يكون السلوك
الأخلاقي حقيقة حينما ينبع من إرادة الإنسان ومن صميم ذاته، وما تقدم عليه فعليا،
وأن یکون صاحبه واعيا وعارفا وعالما بما يفعل وما يملك من سلوك وفق اختياره وما
فاضله بين الأشياء.
ويؤكد "روه"
أن الحكم على الأفعال الخلقية لا تستمد من معيار النزاهة والصدق والنقاء التي
ينادي كما المذهب الكانطي والذي يجعل القيم الخلقية بعيدة عن كل ميل أو
رغبة مرتبطة بالإنسان، فهذه حسب "روه" مطالب لا ينسجم الكثير منها، مع منطق العقل وأخرى لا تنسجم تماما مع الأخلاق الصحيحة للإنسان، لهذا يصرح أنه من الأخلاق أن يفكر الإنسان في نفسه، وما ترغب وما تريد وما تهدف إليه وإلا ما فائدة هذه الأخلاق؟ كما يربط صاحب النص صميم الأخلاق وتحققها و تحمل مسؤوليتها بالوعي والمعرفة للأفعال التي يقوم بها الإنسان، وإلا لا نحكم عليها بالأخلاقية وتخرج عن دائرة القيم، ولهذا يدعو إلى وضع سلم ومقياس إرادي للموازنة بين الأفعال والاختيار والمفاضلة بينها بوعي كامل. و يوضح "روه" أن الأفعال الأخلاقية التي تكون محكومة بالوعي والإرادة والتخطيط المسبق لها، هذه المميزات قد تجعلها تلتقي مع أفعال بعض اللصوص والخارجين عن القانون. الذين يخططون بوعي مسبق للأفعال وتحملهم عزيمتهم على الإقدام والقصد، لكن أفعالهم تحكمها الأنانية ويميزها الجشع والاستغلال وعدم احترام الآخرين، أما الأفعال الأخلاقية فيقف صاحبها موقفا نزيها وصادقا، بعيدا عن الأنانية وحب الذات، وينظر إلى الآخرين كما ينظر إلى نفسه بموضوعية و تعقل بلا محاباة أو تمییز . لأجل كل هذا كان الإنسان الأخلاقي عند "روه" هو إنسان التفكير الذي يشتغل على تأمل وفهم حياته وفي كل ما يخوض فيها من أعمال ليدرك حقيقتها والغاية منها،
رغبة مرتبطة بالإنسان، فهذه حسب "روه" مطالب لا ينسجم الكثير منها، مع منطق العقل وأخرى لا تنسجم تماما مع الأخلاق الصحيحة للإنسان، لهذا يصرح أنه من الأخلاق أن يفكر الإنسان في نفسه، وما ترغب وما تريد وما تهدف إليه وإلا ما فائدة هذه الأخلاق؟ كما يربط صاحب النص صميم الأخلاق وتحققها و تحمل مسؤوليتها بالوعي والمعرفة للأفعال التي يقوم بها الإنسان، وإلا لا نحكم عليها بالأخلاقية وتخرج عن دائرة القيم، ولهذا يدعو إلى وضع سلم ومقياس إرادي للموازنة بين الأفعال والاختيار والمفاضلة بينها بوعي كامل. و يوضح "روه" أن الأفعال الأخلاقية التي تكون محكومة بالوعي والإرادة والتخطيط المسبق لها، هذه المميزات قد تجعلها تلتقي مع أفعال بعض اللصوص والخارجين عن القانون. الذين يخططون بوعي مسبق للأفعال وتحملهم عزيمتهم على الإقدام والقصد، لكن أفعالهم تحكمها الأنانية ويميزها الجشع والاستغلال وعدم احترام الآخرين، أما الأفعال الأخلاقية فيقف صاحبها موقفا نزيها وصادقا، بعيدا عن الأنانية وحب الذات، وينظر إلى الآخرين كما ينظر إلى نفسه بموضوعية و تعقل بلا محاباة أو تمییز . لأجل كل هذا كان الإنسان الأخلاقي عند "روه" هو إنسان التفكير الذي يشتغل على تأمل وفهم حياته وفي كل ما يخوض فيها من أعمال ليدرك حقيقتها والغاية منها،
لكن
هذا لا يعني أن يصير فيلسوفا لأن التفكير الأخلاقي يتميز بأنه عملي ويسعى لكي
يتحقق عمليا كسلوك على اعتبار أن التجربة الحياتية هي معيار الحكم على الأفعال
الأخلاقية من جهة الحسن أو القبح، الصلاح أو الفساد. و بناء على هذا يضع
"فريديريك روه" قاعدة أساسية للحكم على الفعل الأخلاقي الصحيح: تقول: "الاعتقاد الأخلاقي الصحيح هو الاعتقاد الذي يصمد أمام
امتحان حياة صالحة عن وعي".
النقد :
إن ما
ذهب إليه "روه" في تحليل التجربة الأخلاقية وربط مصداقية الأفعال
الأخلاقية بوعي صاحبها وإرادته، أمام اختبارات الحياة، فالصالح من الأخلاق هو ما
كان صالحا في الحياة وفق اسس واعية. لكن لو نترك الأخلاق لتجربة الأفراد في
الحياة، ومهما كان وعيهم وإرادتهم فإن الأخلاق تصير فوضى، واضطراب و تخضع لمقاييس
الأفراد وأهوائهم. وهذا ما يفقد الأخلاق قيمتها ومشروعيتها وتصبح مجرد أخلاق نسبية
مؤقتة وسفسطائية. لذلك مهما كان للواقع الحياتي من دور في امتحان المبادئ
الأخلاقية فإن ه ذه المبادئ تستمد من مثل وقيم عليا لا من واقع.
حل المشكلة
:
إن الضمائر الإنسانية تتغذى من القيم الأخلاقية،
والواقع الحياتي نعيشه وحياه كما هو لأنه محكوم بإطار ما هو كائن أما الأخلاق
كمعايير سامية فتحكم على الواقع وما فيه من أفعال وتطلب ما يجب أن يكون.
نص". "إن الرجل الصالح يبدو أول الأمر نزيها لكن هذه الميزة ليست كافية، بل هي أحيانا كاذبة، فقد يكون من الأخلاق أن يفكر الإنسان في أمر نفسه، وهناك تضحيات منافية للمعقول، وأخرى منافية للأخلاق. لكن سواء أكان العمل أنانيا أو نزيها، فإنه لا يكفي أن يكون كذلك حتى يكون أخلاقيا. فمن سلك سلوكا أخلاقيا دون أن يعرف ذلك كان إنسانا "غير مسؤول" والذي يميز الرجل الصالح إنما هي إرادته لشيء ما، أكثر من أي شيء آخر، وعلمه بما يريد. وبعبارة أخرى: فإن الرجل الصالح يقيم بين رغباته وأفعاله سلما وضربا من الترتيب المثالي، فكلما أراد الفعل وأثناء قيامه بالفعل... فإنه يفضل عملا على عمل آخر، ويضع في ذهنه عملا قبل عمل آخر ... لكن تعريفنا لا يزال غير كاف: إذ أن بعض اللصوص هم لصوص عن قصد وعزيمة فقد اختاروا ووقفوا من الحياة موقفا مسبقا، لذلك فالذي يميز الرجل الصالح هو أنه يقف لكي يعرف ما يريد فعله في النهاية، موقفا نزيها غير شخصي. فيحكم اعتمادا على ما في نفسه كما يحكم اعتمادا على ما في نفس الغير، وهذا مايسمى بالتعقل. فالإنسان الصالح يفكر إذن بصفة قبلية في حياته وفي كل عمل من أعمال حياته، | غير أنه لا يفكر فيها تفكير الفيلسوف... فالتفكير الأخلاقي تفكير عملي يتزع إلى التحقق، وهو متجه كله إلى العمل... والناس يحكمون على الإنسان اعتمادا على أفعاله لا على مذاهبه الصريحة.. فالاعتقاد الأخلاقي الصحيح هو الاعتقاد الذي يصمد أمام امتحان حياة ص الحة عن وعي... فريدريك روه
تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا