JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

دافع بالبرهان عن الأطروحة القائلة: "إن الفكرة الصادقة والصحيحة هي الفكرة النافعة عمليا"


دافع بالبرهان عن الأطروحة القائلة:
"إن الفكرة الصادقة والصحيحة هي الفكرة النافعة عمليا"
- استقصاء بالوضع -

طرح المشكلة:
المعروف بالبداهة أن الإنسان كائن عاقل، وهذه الميزة هي المصاحبة لكل عمليات الوعي ومختلف المكاسب التي يحصلها الإنسان، لهذا شاع بين الناس أن معيار المعرفة وصدق الأفكار وصحتها هو العقل، فهو مصدر الصدق واليقين في الحقائق كلها، غير أن الواقع العملي للإنسان يخالف هذه الفكرة ويظهر أنه لا معرفة ولا أفكار صادقة وصحيحة، إلا إذا كانت عملية نفعية، تخدم الإنسان وتحسن أوضاعه، وكأن المنفعة العملية هي معيار الحقائق كلها، فكيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة التي تعتقد أن الفكرة الصادقة هي الفكرة النافعة علميا؟ وكيف يمكن إثبات مشروعيتها وتبنيها؟

في محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة:
 يعتقد أصحاب الفلسفة البراغماتية أن معیار صدق الأفكار وصحتها، مرهون بالنتائج العملية النافعة، ولا قيمة لفكرة أو عمل أو اتجاه لا تترتب عنه منافع عملية لأن العبرة والهدف أن يستفيد الإنسان ويخدم نفسه ويحسن أوضاع واقعه، وهذا ما يدافع عنه فلاسفة "البراغماتيزم": "وليام جيمس"، "بيرس"، "جون ديوي" وغيرهم وقد بنوا هذا على مسلمات أساسها: أن الأفكار الميتافيزيقية والمثالية لا يمكن تأكيدها أو إثبات صحتها وهذا يعن استحالة التعامل معها واقعيا، فتصير مجرد تأملات. هذا كان معيار الصدق وعلامة الحقيقة هو العمل المنتج والنافع وليس التصورات والأحكام العقلية . ويدعمون هذا بحجج مختلفة :
حيث يؤكد "بيرس" أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج، أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له، ليست حقيقة في ذاتها، ويقول أيضا: "إن تصورنا الموضوع ما، هو تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر" فالفكرة الصادقة لا تبلغ غايتها ولا يمكن قبولها إلا إذا قادت صاحبها إلى العمل النافع، هذا يحكمون بأنه لا جدوى من الاهتمام بالمبادئ والأولويات النظرية التي اشتغلت بما الفلسفات السابقة، وجدالاتهما العقيمة، لأن الحل لكل ذلك هو التركيز على الغايات والنتائج النافعة عمليا، يقول "وليام جيمس": "إن التفكير هو أولا، وآخرا، ودائما، من أجل العمل، وتصورنا لأس شيء ندر که بالحس، ليس في الواقع، إلا أداة يحقق بها غاية ما". فالبراغماتية إذا تضع العمل النافع مبدأ مطلق لكل موضوع ولكل فكرة، لهذا اعتبر "جون ديوي" المعرفة مجرد آلة أو وظيفة في خدمة مطالب الحياة، وليست نظریات فكرية محردة.
عرض منطق الخصوم ونقدهم:
هناك معارضون للأطروحة يعتقدون أن المنافع متغيرة ولا يمكن الاتفاق حولها كمقیاس، لذلك فالمعيار الأنسب والأدق للحكم على صدق الأفكار وصحتها، هو العقل لما يضمنه من الوضوح والبداهة واليقين، كما يمكن من معرفة العلاقات وإدراك الحقائق الثابتة والكلية وهذا ما يدافع عنه العقليون وعلى رأسهم "دیکارت"، "سبينوزا" وغيرهم، يقول "ديكارت": "أن لا أتلقى على الإطلاق شيئا على أنه حق ما لم أتبين بالبداهة أنه كذلك".

النقد :
- لكن هذا الموقف واجهته انتقادات شديدة منها: أن العقل ليس معیار یقین الصدق الأفكار وصحتها، فهو معرض للخطأ والصواب بحسب مكتسباته وتحاربه، كما أن أحكام العقل محردة ويصعب تطبيقها على أرض الواقع وقد لا تنسجم مع الواقع و مقتضياته، ضف إلى هذا أن معيار العقل في حكمه على الأفكار تبقى أفكاره مجرد احتمالات وتقديرات، لا تضمن اليقين، والصدق، إلا بالتطبيق الفعلي للأفكار وما يترتب عنها من نتائج، مما يعني أن النتائج العملية هي التي تؤسس للصحة أو الخطأ في الأفكار، وهذه الانتقادات تدفعنا للبحث عن حجج جديدة ندعم كما الأطروحة.

دعم منطق الأطروحة بحجج شخصية:
إن ملاحظة الواقع والحياة الإنسانية والعلاقات الاجتماعية تبين أن العبرة من الأعمال والمعارف، وجميع مناشط الحياة تهدف إلى تحقيق نتائج عملية نافعة، أي التفاعل الإيجابي مع الواقع والاستفادة منه، لأنه لا قيمة لعمل أو فكرة لا تتوج بالنجاح، فالمسار الدراسي للطالب الهدف منه أن يكلل بالنجاح العملي، والأنظمة الاقتصادية الأصل فيها أن تثبت نجاعتها وقيمتها النافعة عمليا، لهذا يقول "وليام جيمس": "إن آية الحق النجاح، وآية الباطل الإخفاق، والفكرة الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة"، كما أن الأفكار النافعة عمليا تحفز أصحابها للاندفاع نحو الأعمال وفتح آفاق جديدة ينخرط فيها الإنسان سعيا وراء النجاح وهذا ما قد يعطي نوعا من السعادة والأمل والتوجه نحو المستقبل لتحقيق الأفضل للإنسان ولواقعه وهذا ما يعبر عن طموح كل إنسان، لهذا كانت الفكرة الصادقة هي النافعة عمليا، والخطأ هو الفشل والضرر.

في حل المشكلة:
نستنتج في الأخير أن الفلسفة العملية نجدها قد بسطت سلطانا على واقع الإنسان المعاصر وجميع أفكاره، بحيث صارت كل التجارب والأفكار والأعمال هدفها تحقيق نتائج نافعة عمليا، وعليه نحكم بصحة الأطروحة القائلة: أن الفكرة الصادقة والصحيحة هي الفكرة النافعة عمليا، وبالتالي إثبات مشروعيتها وإمكانية تبنيها.

الاسمبريد إلكترونيرسالة