JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

هل يمكن دراسة الظاهرة الإنسانية بطريقة علمية تجريبية ؟- مقالة جدلية


هل يمكن دراسة الظاهرة الإنسانية بطريقة علمية تجريبية؟
الطريقة : جدلية

طرح المشكلة:
إن التقدم والتطور الذي حققته الدراسة التجريبية، وما أحرزته من نجاح في علوم المادة الجامدة، جعل منها نموذجا لكل معرفة، تسعى لتحقيق الدقة والموضوعية خاصة بعد اقتحام هذا المنهج التجريبي ميدان البيولوجيا، وتذلیل عقباتما، مما شجع على توسيع نطاق بحثه، وطرح إمكانية تطبيقه على ميدان آخر، هو عالم الظواهر الإنسانية، بأبعادها التاريخية، والنفسية، والاجتماعية. فهل هذا ممكن؟ وهل طبيعة الظاهرة الإنسانية بإمكانها أن تخضع للدراسة العلمية التجريبية؟ بمعنى آخر : هل يمكن أن نجعل من الظاهرة الإنسانية موضوع مقاربة علمية، وهل يمكن إخضاعها إجرائيا للمقياس التجريي؟
في محاولة حل المشكلة:
عرض الأطروحة الموقف الأول :
 إذا كانت العلوم الإنسانية هي مجموع الاختصاصات التي تهتم بالإنسان و بواقعه، التعرف على ما هو ثابت فيه، بعد تحليله والكشف عن نظمه وقوانينه، وهي م ن هذه الناحية لا تختلف عن العلوم الطبيعية، ما دامت تمتلك واقعا و موضوعا معينا، لكن مشكلتها أنها لا يمكن أن خضعه، وأن تدرسه بطريقة تجريبية، كما لا يمكن أن تحكم على علميته وفق المقياس التجريي، نتيجة مجموع الصعوبات والعوائق الابسيمولوجية التي تواجهها وتقف أمامها، وتحد من بلوغها درجة العلمية. هذا يؤكد بعض المفكرين وعلى رأسهم أصحاب الترعة الروحية أن الظاهرة الإنسانية تخاطر بطبيعتها عند تطبيقها للمنهج التجريي، لأن ظواهرها ليست مستقلة بل هي أكثر التصاقا بالإنسان وبإرادته وشعوره، مما يجعلها ذات طبيعة كيفية، تخضع للغة الوصفية، وهذا ما يحول دون صياغتها بلغة كمية رياضية كأساس للعلمية والدقة والضبط، لأن تاريخ العلوم يثبت أن درجة التطور التي يحرزها أي علم، إنما تقاس بمدى استخدامه للصيغ الكمية الرياضية، ومن ناحية أخرى فالتفسير العلمي يقتضي الحياد والموضوعية، في حين أن الظاهرة الإنسانية نفسية كانت أو اجتماعية أو تاريخية، تبقى في كل أبعادها تحت سيطرة الأحكام الذاتية، وما يحمله الباحث من توجهات، وقيم سابقة، يحتكم إليها، كحقائق ثابتة توجه مسار بحثه، وهذا ما ترفضه الروح العلمية ويتعارض مع قواعد المقياس التجريبي، وفوق هذا فالظاهرة الإنسانية مركبة ومتداخلة الأبعاد ومتشعبة مما يصعب الوقوف على حقيقتها تحريبيا، لأنه لا يمكن عزل أحد جوانبها دون الآخر، كما لا يستطيع الباحث تکرارها بنفس الكيفية، وحتى وإن تكررت فإنها لا تكون بنفس الدقة وفي نفس الظروف. وهذا ما يحول دون معرفة شروط حدوثها، واستحالة التنبؤ بها، وبالتالي عدم إمكانية ص ياغتها في ش كل قوانين عامة.
النقد :
* غير أن هذا الاتجاه المعارض العلمية العلوم الإنسانية، وعدم إمكانية دراستها تجريبيا، هو موقف مبالغ فيه كثيرا، لأن كل بحث علمي تواجهه دائما صعوبات في بداياته، لكن بالإصرار يتم تجاوز تلك الصعوبات، ومن ناحية أخرى قد لا يكون العيب في الظاهرة، بل قد يعود إلى قصور الذات الباحثة، في تصور مختلف وسائل الدراسة وفي كيفيات تطبيق المنهج التجريبي. لذلك مهما كانت من ص عوبات منهجية في الظاهرة الإنسانية، فإن هذا لا يبرر مهما كانت الظروف التخلي دراستها بطريقة تجريبية .
و نقيض الأطروحة الموقف الثاني:
 إن التطور الذي حصل في المنهج التجريي، وتقنياته، كإطار في للدراسة، وتكييف خطواته مع طبيعة الموضوعات، وتليين قواعده بنوع من المرونة التي تتلاءم مع الموضوعات وطبيعتها، مع المحافظة على الروح التجريبية وموضوعيتها، وهذا ما وسع من قدرة المنهج التجريبي على استيعاب أكبر قدر من الظواهر، وفتح المجال أمام العلوم الإنسانية، ومكن من دراسة الظاهرة الإنسانية بطريقة تجريبية، واعتبارها علما، والنظر إلى ظواهرها على أنما محكومة بقوالب وقوانين محددة، يتفاعل فيها الفرد والمجتمع سلوكيا. و يؤكد أصحاب الترعة الوضعية أن الدراسة التجريبية ممكنة وأمر واقع في الظواهر الإنسانية لكنه مختلف لما هو في العلوم الفيزيائية نتيجة اختلاف وتباين الموضوعين، لكنه يحمل نفس الدلالة والمواصفات التجريبية. لهذا تم إبداع طرائق في العمل التجريي، وتطوير أساليب الملاحظة، وكيفيات بناء التجارب، لتلائم طبيعة الموضوع في الظاهرة الإنسانية، وبالتالي الوصول إلى وضع
قوانين، وصياغتها رياضيا، ففي الحادثة التاريخية مثلا: يتم تناولها بالدراسة التجريبية من خلال جمع الآثار والوثائق والمصادر التي تعبر عنها وعن أسبابها وظروفها التي وقت فيها، ثم العمل على تحليل هذه المصادر والتحقق منها وتسليط النقد عليها، ثم الانتقال إلى محاولة إعادة بناء الحادثة من جديد من خلال تصنيفها وترتيبها زمنيا، ثم الوصول إلى مرحلة التفسير والكشف عن أسبابها التي أدت إلى وقوعها... وفي الظاهرة الاجتماعية يمكن دراستها تحريبيا من خلال تحديد الظاهرة الاجتماعية المراد دراستها (البطالة، الانتحار، العنف، التخلف ...) ثم تحديد الآليات التي تؤدي إلى فهم هذه الظاهرة والعوامل التي تتحكم فيها، أي: أخذ العينات ثم ملا حفلها بهدفة ، ثم وضع الفروض، ثم الانتقال إلى التجربة من أجل التأكد بحسب وضع العينات وما أفرزته من نتائج. و كذلك الحال في الحوادث النفسية ودراستها تحريبيا من خ لال مايستعمله الباحث من عمليات قياسية وإحصائية، ومقارنات... كقياس درجة الذكاء مثلا ملاحظة ردود الأفعال، ظاهرة الاكتئاب... و كل هذا يؤكد اعتماد الظاهرة الإنسانية على مناهج علمية في الدراسة لا تقل أهمية عن طريق التجريب في علوم المادة لأن الهدف هو الكشف عن الحقائق ومعرفة علل الظاهرة وأسبابها وهذا ما يدفع الباحث الالتزام الحياد والموضوعية والحذر أثناء التفسير والابتعاد عن الأحكام الغير مقرونة بدلائل حتى لا يفسد قيمة أبحاثه.
النقد :
 * لكن دراسة الظاهرة الإنسانية بطريقة تجريبية برغم محاولاتها بلوغ العلمية والتعبير عن نتائجها في قوالب موضوعية، إلا أن نتائجها تبقى تفتقر إلى الدقة واليقين، لأنها ظواهر يصعب قياسها والتعبير عنها کميا. كما أن التفاسير التي تقدمها تعاني من التعدد والاختلاف نتيجة تعدد مناهجها وكذا تدخل ذاتية الباحث في توجيه النتائج والحكم عليها.
التركيب:
 إن الظاهرة الإنسانية برغم ما أفرزته من صعوبات منهجية بالفعل، في بدايات التعامل معها تحريبيا، إلا أنهما في نفس الوقت كانت دوافع حقيقة حفزت الباحثين للعمل على تجاوزها، وتنويع أساليب البحث والدراسة فيها، وإبداع مناهج تتشابه إلى حد كبير مع بعض مناهج العلوم التجريبية، وأكثر من ناحية أخرى ببعض أساليب البحث التي تتلاءم وتنسجم مع طبيعة الظاهرة الإنسانية، لكن الهدف من الدراسة هو الالترام روح العمل التجريي وخصائصه في فهم الإنسان، وواقعه وأبعاده المختلفة و صياغة كل ذلك في قوالب و قوانين محددة.
حل المشكلة :
 نستنتج في الأخير أن الظاهرة الإنسانية يمكن إخضاعها للدراسة العلمية التجريبية لكن بمنهجية وخطوات تختلف عن كيفية تطبيقها في علوم المادة. نتيجة اختلاف طبيعة الموضوعات بينهما .
 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


author-img

Emily Madison

تعليقات
  • Hadihay photo
    Hadihay28 ديسمبر 2021 في 12:35 م

    شكرا لك على هذا المنشور الرائع! قيمة عظيمة! سأضع إشارة مرجعية عليه متطلعًا إلى تلقي التحديثات القادمة القادمة!
    انا اسمي يوسف. أنا مسوق أعمال عبر الإنترنت وخبير في تحسين محركات البحث ، أعمل في هذه الصناعة منذ أكثر من 14 عامًا.
    لقد كنت أساعد الشركات الصغيرة في تصنيف مواقعها على الإنترنت وزيادة إيراداتها من خلال حركة المرور التي تولدها.
    لمساعدة أي شركة مبتدئة أو أي شخص ينفد من الميزانية. لقد قمت بإنشاء أدوات تحسين محركات البحث الرائعة هذه.
    هناك أكثر من 60 أداة مجانية لتحسين محركات البحث.
    إذا كنت مهتمًا ، فإليك أفضل أدوات تحسين محركات البحث المجانية عبر الإنترنت

    إرسال تعليقحذف التعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة