"إن تجسيد العدالة مبني على مبدأ أسبقية
الحق على الواجب"
- دافع بالبرهان عن هذه الأطروحة -
استقصاء بالوضع
طرح المشكلة:
المعروف والشائع عند الناس أنه لا واحد يأخذ
حقا، إلا إذا قام بواجبه، من هنا كان الواجب هو معيار العدالة، وأساس بنائها، لأن قيام
الجميع بواجباتهم يؤدي إلى رضی الجميع، ويحقق حقوقهم... لكن هناك فكرة تناقضها
يعتقد أصحابها أن تطبيق العدالة و ممارستها لا يكون إلا بتقديم الحقوق والمكاسب
الأساسية للأفراد على الواجبات. لأن الحقوق ملازمة للوجود الإنساني و تتوقف عليها
طبيعة الإنسان، ومطلب العدالة، أما الواجب فهو مجرد إلزام قانوني. من هنا كان الحق
سابق عن الواجب، وعليه نتساءل: كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة، وتبرير مشروعية
الاعتقاد القائل : أن العدالة مبنية على مبدأ أسبقية الحق على الواجب؟
في محاولة حل المشكلة :
عرض منطق
الأطروحة:
تدور هذه الأطروحة حول الأساس الذي ترتبط به فكرة تحسد العدالة والمبدأ الذي تقوم عليه، وهو مبدأ الحقوق وأسبقيته وتقدمه على الواجبات، باعتبار أن ج وهر العدالة هو إعطاء كل ذي حق حقه . و تقوم هذه الأطروحة على مجموعة مسلمات أهمها: أن الحق معطي طبيعي أولي ملازم للكينونة الإنسانية ووجودها، كما أن تاریخ الحقوق مرتبط بالقانون الطبيعي السابق عن القوانين المدنية التي تعبر عن الواجبات وإلزاماتها. من هنا كانت الحقوق بحكم طبيعتها سابقة عن الواجبات. و يستند أنصار هذه الأطروحة إلى مجموعة حجج لتبرير مبدأ أسبقية الحقوق علی الواجبات في تحسيد العدالة، منها: أن الإنسان يكتسب حقوقه كمعطيات طبيعية و كرأس مال أولي بحكم وجوده في الحياة: كالحق في الحياة، الحق في التفكير، الحق في الحرية ... ثم بعد ذلك يكون الحديث عن الواجبات كالتزامات حياتية يفرضها الوسط الاجتماعي الذي يكون فيه الإنسان. من جهة ثانية يؤكد هؤلاء أن أصل الحقوق الطبيعية، المرتبطة بالوجود الإنساني والملازمة للكبيعة البشرية كحاجات مقررة لا بد منها، فهي بمثابة حاجات بيولوجية يتوقف عليها وجود الإنسان، وهذا يعني أن حقوق الأفراد سابقة عن الواجب ومقدسة سواء واجب الدولة أو الجماعة أو أي مؤسسة أخرى. لأن الحقوق الطبيعية هي مصدر وأصل الحقوق الاجتماعية، ومن هنا اعتبر "ليبنيتز"، الحق سلطة أخلاقية، ويقول "وولف": "كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل ذلك القانون أي طبيعيا". وكل هذا يؤكد أن تحسد العدالة و ممارستها لا يكون إلا بتقديم الحقوق على الواجبات.
تدور هذه الأطروحة حول الأساس الذي ترتبط به فكرة تحسد العدالة والمبدأ الذي تقوم عليه، وهو مبدأ الحقوق وأسبقيته وتقدمه على الواجبات، باعتبار أن ج وهر العدالة هو إعطاء كل ذي حق حقه . و تقوم هذه الأطروحة على مجموعة مسلمات أهمها: أن الحق معطي طبيعي أولي ملازم للكينونة الإنسانية ووجودها، كما أن تاریخ الحقوق مرتبط بالقانون الطبيعي السابق عن القوانين المدنية التي تعبر عن الواجبات وإلزاماتها. من هنا كانت الحقوق بحكم طبيعتها سابقة عن الواجبات. و يستند أنصار هذه الأطروحة إلى مجموعة حجج لتبرير مبدأ أسبقية الحقوق علی الواجبات في تحسيد العدالة، منها: أن الإنسان يكتسب حقوقه كمعطيات طبيعية و كرأس مال أولي بحكم وجوده في الحياة: كالحق في الحياة، الحق في التفكير، الحق في الحرية ... ثم بعد ذلك يكون الحديث عن الواجبات كالتزامات حياتية يفرضها الوسط الاجتماعي الذي يكون فيه الإنسان. من جهة ثانية يؤكد هؤلاء أن أصل الحقوق الطبيعية، المرتبطة بالوجود الإنساني والملازمة للكبيعة البشرية كحاجات مقررة لا بد منها، فهي بمثابة حاجات بيولوجية يتوقف عليها وجود الإنسان، وهذا يعني أن حقوق الأفراد سابقة عن الواجب ومقدسة سواء واجب الدولة أو الجماعة أو أي مؤسسة أخرى. لأن الحقوق الطبيعية هي مصدر وأصل الحقوق الاجتماعية، ومن هنا اعتبر "ليبنيتز"، الحق سلطة أخلاقية، ويقول "وولف": "كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل ذلك القانون أي طبيعيا". وكل هذا يؤكد أن تحسد العدالة و ممارستها لا يكون إلا بتقديم الحقوق على الواجبات.
عرض منطق الخصوم ونقدهم :
يرى هؤلاء الخصوم أن الواجب هو معيار العدالة
وأساس بتحسيدها لأن الواجب مطلب عقلی وضرورة واقعية تتجاوز منطق الذاتية والمصالح
الضيقة للأفراد، ويطلب الالتزام بالقانون، وهذا ما يعبر عن تماسك المجتمعات
وتحضرها، فالحقوق تستترف المجتمعات أما الواجبات فتخدمه، من هنا قال
"دوركايم": "ليس للفرد حقوق بل عليه واجبات" وقد اقترح زعيم
الفلسفة الوضعية، "أوجست كونت" إمكانية الاستغناء عن فكرة الحقوق لأن
قيام الجميع بواجباته يؤدي إلى رضی الجميع وتلبية حقوقهم. وعليه كان الواجب أسبق
من الحق في التعبير عن حقيقة العدالة .
النقد :
- غير أن هذا الاتجاه الذي ينظر إلى العدالة
على أساس الواجبات وحدها يجعل من العدالة عرجاء، ويسيء إلى الحياة الاجتماعية
وإخلال بتوازن الحياة، لأنه قد يصير ذريعة لتبرير الظلم والقهر والاستغلال،
انطلاقا من فرض الواجبات، كما أن تغييب الحقوق وجعلها تابعة للواجبات هو ظلم و جور
لأنه قبل الالتزام بأي واجب كان للإنسان حقوق يمتلكها بحكم وجوده في الحياة. و من
جهة ثالثة لا يوجد تاريخيا قانون في الواقع قد قام على أساس الواجبات وحدها،
وبالتالي كيف نتصور واقعيا عدالة تغيب فيها حقوق الناس؟ إضافة إلى أن الواجبات هي
التزامات اجتماعية أما الحقوق فهي مكاسب فردية مضمونة وعامة، لذلك كان التزام
الفرد بواجبه هو مجرد وسيلة لإشباع حقوقه الاجتماعية وتحقيق التكليف الاجتماعي. و
عليه يظهر أن الواجب ليس أساس العدالة لأن الأصل فيها هي الحقوق.
دعم منطق الأطروحة بحجج شخصية:
إن تحسيد العدالة فعليا لا يكون إلا بالاعتراف
بالحقوق وتحقيقها وتقديمها علی الواجبات، وعلى هذا الأساس نجد فلاسفة القانون
الطبيعي وكذلك المنظمات الدولية لحقوق الإنسان تجعل من الحقوق قضية مقدسة لا يجب
المساس بها، بل على الجميع احترامها حتى نحقق إنسانية الإنسان والعدالة. كما أن
الحق في عرف الفلاسفة هو الأمر الثابت الذي لا يجوز إنكاره، ويعطي لصاحبه حرية
التصرف فيه والدفاع عنه، ويمنع الآخرين من المساس به، وهذا ما يعبر عن حقيقة
العدالة التي تعطي لكل ذي حق حقه.
في حل المشكلة:
إن تحسيد العدالة على أساس أسبقية الحقوق على
الواجبات قضية لازمة، تفرضها الحقوق الطبيعية للإنسان وتقتضيها مشروعية العدالة
كممارسة، ومنه نستنتج أن الأطروحة صحيحة وقابلة للدفاع عنها وتبنيها.
تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا