تحليل نص فلسفي سيد صبحي تعليم فن التسامح
طرح المشكلة:
إن
الكون مطبوع على التنوع، كما أن العقول البشرية مطبوعة على الاختلاف والتباين، وقد
يكون هذا هو السبب في التراعات والصدامات بين البشر، بل وظهور الكثير من السلوكات
والتصرفات العدوانية بينهم، كالعنف والإكراه، والإساءة، والتعدي، والإضرار
بالآخرين. مما يجعل من صاحب هذه السلوكات تحت رحمة العقاب والقصاص.. لكن بحد صاحب
الحق، ومن وقع عليه الظلم يرتقي إلى درجة التنازل عن حقه، والعفو عن الخصم
ومسامحته، وهذا ما يخلق صورة من الصفاء والألفة بين النفوس، تعجز قوانين العدالة
عن إيجادها. من كل هذه المعاني جاء نص "سید ص بحي" دعوة الاستثمار خلق
التسامح وتفعيله كثقافة وتربية حيوية ننشئ عليها الأجيال الصاعدة، حتى تقف ضد كل
أشكال العنف والإكراه، فكيف نفهم ثقافة وفن التسامح؟ وكيف
نعلمه للأجيال الصاعدة؟ وما هي الأسس والآليات التي يجب اعتمادها لتفعيل فن
التسامح في تعاملاتهم؟
في محاولة حل المشكلة
إن إنسان الغد، هو طفل اليوم، لذلك لا بد من
الاهتمام بجيل اليوم، وإحاطته بمختلف أساليب التربية والتعليم، وتعليمه مختلف
المبادئ والقيم الأخلاقية، لما يجب أن يكون عليه في المستقبل، ومن أهم هذه القيم
التي تفرض حضورها في الواقع الاجتماعي ضرورة لغة التسامح وفن التسامح، كثقافة
وتربية حيوية ض د كل أشكال العنف، والضغط والاعتداء، لأن التسامح فضيلة و قيمة
أخلاقية راقية، تمكن من التعايش
الاجتماعي وبناء السلام الإنساني، لهذا يرى صاحب النص أنه من الضروري تعليم وتنشئة
الأطفال والأجيال الصاعدة على خلق التسامح واعتماده كلغة يجب تفعيلها والتعامل
بها. حتى نرتقي بهم إلى مستوى السلوك الراقي والحضاري، المعبر عن حقيقة الإنسان
ككائن حامل للقيم، وهذا ما يؤهل لتأسيس أرضية للعيش المشترك مع الآخر بعيدا عن كل
إقصاء. ولأجل الوصول إلى هذا يؤكد صاحب النص ويدعو إلى اعتماد عدة أسس لزرع بذور
التسامح في حياة الأطفال وتعاملاتهم، وذلك انطلاقا من الأسرة وتحريك وظيفة الآباء
والأمهات في تعليم لغة التسامح، وكيفيات توظيفه، وإشاعته في تعاملاتهم، ويقترح
"سید صبحي" بداية هذا العمل، بالاهتمام بلغة الحوار، والاعتراف بالآخر
كطرف له نفس الحقوق والقيم والاعتبارات التي نريدها لأنفسنا، وهذا من شأنه أن يعلم
الطفل التسامح ويبعده عن التعصب والأنانية وحب الذات والاستعلاء على الآخر. ثم يجب
ثانيا تنشئة الأطفال على معرفة الأخلاق السلبية والمرفوضة التي يجب الابتعاد عنها،
وتجنبها حتى لا تفسد ذواقهم، وشخصياتهم، كالغش والتنافس الخادع والغير نزيه،
والكذب على الآخر أو إطراؤه ومدحه بما ليس فيه، والتأسيس بدها للأخلاق الإيجابية
كالصدق والنزاهة والكرامة ومحبة الخير، والتنافس الإيجابي كل حسب قدراته وطاقته،
بلا تمييز أو محاباة. ثم تدعيم هذا ثالثا بتعليم الأطفال من الصغر ضرورة قبول
النقد وكيفية التعامل معه والاستفادة منه، لأن كل إنسان يحمل من النقص الكثير
والواجب عليه أن يعترف به ويعمل على تجاوزه بإرادته وبتوجيهات الآخرين إيجابا أو
سلبا، كما يلزم له أن يتعلم رفض الإطراء والمدح الفاسد الذي يؤدي إلى الغرور
والاستعلاء وفساد الطباع والسجايا. وكل هذا من شأنه أن يجعل من لغة التسامح ترسخ
وتعرف طريقها في نفوس الناشئة . ويؤكد صاحب النص أن فن التسامح يظهر ويرسخ أكثر في
السلوك والمعاملات لدى الأجيال الصاعدة كسلوك طيب، ومهذب و مشبع بالقيم إذا غذي
وطعم بتشجيع حرية الطفل ودعم الاختيار البعيد عن التسلط والإكراه. وذلك باحترام تصرفاته
بشر يطة الحرص تهذيبها وتسميتها وتمدهم حتى يتعود على تحمل المسؤولية وحساب نتائج
أفعاله . و من جهة ثانية وحب تغذية الإحساس بقيمة الحياة التي نعيشها لدى الأطفال
وإبعادهم عن اليأس والتشاؤم، والقنوط، وإحياء طاقة التواصل الطيب مع الآخرين
والمحبة المتبادلة بين الجميع، وهذا ما يشجع على تأصيل لغة التسامح في بنساء
العلاقات الإنسانية وتهذيب الكثير من التناقضات والاختلالات التي قد تظهر م ن حين
لآخر بين الناس.
و الصياغة المنطقية للحجة كالآتي:
- إذا كان التسامح ثقافة وسلوك فاضل يتعلمه الأطفال منذ
الصغر، فإنه ضروري التربيتهم.
- لكن التسامح ثقافة وسلوك فاضل يتعلمه الأطفال
منذ الصغر. - إذا: فإنه ضروري لتربيتهم..
إن
التسامح في حقيقته خلق وفضيلة، تؤكد أن الإنسان يستطيع أن يتجاوز عدوانية نفسية،
ويرتقي إلى مستوى العفو والصفح عن الغير، في إطار التواصل الودود، المشبع بالقيم
الحيرة، التي تقطع جذور الشر ولا تغذيه، لكن من ناحية أخرى وجب أن نحذر من هذا
التسامح المطلق، لأنه قد يفسد قيمة التسامح في حد ذاتها ، ويؤدي إلى التشجيع الفساد
واللاعقاب، وبالتالي لا بد من ضبط لغة التسامح لقيمة أخلاقية بضوابط و شروط حفاظا
عليها. لأن الله قد يزرع بالسلطان، ما لا ينزع بالقرآن أحيانا.
في حل المشكلة : و عليه نستنتج أن التسامح فضيلة
أخلاقية، وجب توظيفها بين الناس، من تربية الأطفال عليها منذ الصغر، لتصير لغة
أساسية في سلوكاتهم ومعاملاتهم، وهذا خ لال ما يؤهل
العلاقات الاجتماعية لتصل لمستوى السلوك الحضاري والإخاء الإنسان.
"نص".
امة
التسامح لا بد من أن يتعلمها الطفل منذ نعومة أظافره، حتى نصل إلى | المستويات
الإنمائية الراقية بالطفل، والتي تجعله يتجه إلى الآخر ودودا متسامحا، والسؤال
الآن: كيف نعلم أولادنا فن التسامح؟ الإجابة عن هذا السؤال المهم، فيب بالآباء
والأمهات الاهتمام بالأمور التالية: * الإهتمام بلغة الحوار على اعتبار أن لغة
الحوار هي حجر الزاوية في تعليم الطفل التسامح . " ولا بد من أن نجنب الأطفال
التنافس البغيض والمعايرة الكاذبة والصلف | الريف، فإن الطفل يحتاج إلى أن يتعلم
فن التسامح من خلال التنافس الموضوعي، ذلك الذي يدفعه إلى الاعتراف بقدرات
الآخرين، وتهنئة المتميزين، وإعطاء كل | ذي حق حقه. او يتعلم منذ نعومة أظفاره كيف
يتقبل النقد دون مجاملة، لأن المدح والإطراء دون مسوغ موضوعي يدفعان الطفل إلى
الغرور والصلف، فقد يرى في نفسه كفاءة تعلو على الآخرين، فيظن وهما أنه أفضل منهم،
فيعاملهم بقسوة لا تعرف | المودة، ولا يرى التسامح طريقا إليها. وإذا كنا نسعى نحو
تدعم فن التسامح في معاملات العامل الا در بن، فإن هذا السعي المستمر يهدف إلى
تدعيم السلوك الطيب المتشبع بالقيم، وهذا ما يحتاج إلى تغذيته بالاهتمام بما يلي:
أولا: تعد حرية الطفل من أهم المحاور التي تدعم سلوك التسامح عند الطفل، | وهذه
الحرية تتماشى مع طبيعة الطفل التلقائية التي تكره التسلط والحتمية، وعلى كل أب
وأم أن يحترما تصرفاته، وأن يعملا على تنقيتها وتنميتها، حتى يتعود تحمل المسؤولية
تحصينا له من الوقوع في الخطأ. ثانيا: وعلينا أخيرا أن ندعم في الطفل قيمة الحياة
التي يعيشها من خلال التواصل الودود والمحبة المتبادلة ... والتي يلعب فيها
التسامح دورا مهما في تأصيل العلاقات الإنسانية". "سید
صبحي"
تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا