تحليل نص فلسفي هيجل " أساس معرفة الأنا "
طرح المشكلة :
إن في الحياة من أسباب التعقد والتنوع
والاختلاف، ما يجعل منها نسيجا من المتناقضات، فهي صراع مستمر لا يعرف الانتصار،
ولا التوقف، ومصير الإنسان في ماه الحياة لا يخرج عن دائرة هذا الصراع بين الواقع
والعقل، بين "الأنا" و"الغير"، ارد. ف هو الوصول إلى معرفة
الذات، ووعي أبعادها ومحاولة إثبات وجودها ... وهذا اعتماد وسائل الصراع كلها، ضد
الآخر المقابل لنا، والذي يعمل هو الآخر علی فرض نفسه وذاته علينا في المقابل...
انطلاقا من هذه المفارقة جاء نص "هيجل" ليظهر هذه الصورة المعبرة عن
المواجهة والصراع بين "الأنا" و"الغير" لأجل تأسيس الوعي
بالذات وإثبات وجودها الفعلي. فكيف نفهم هذا الأساس؟ وهل
هو كفيل لمعرفة الذات وإثبات حقيقتها أم أنه نوع من المخاطرة بالذات ومصيرها؟
في محاولة حل المشكلة :
إن التصور "الهيجلي" لوعي الذات
وإثبات وجودها، لا يتحدد من وعي فارغ أو ذات ساكنة، بل هو وعي مستقل و متميز يتأسس
من خلال حراك تتواجد فيه الذات مع الآخر، ليس في إطار التوافق والانسجام والرضى...
بل من خلال النظر إليه كنقيض، وكموضوع مستقل مخالف وجب الدخول معه في مواجهة
وصراع، تخاطر فيه الذات بكل ما تملكه من قدرة. بهدف إثبات وجودها ومعرفة حقيقتها،
وحقيقة الأنا الآخر في نفس الوقت. ويؤكد صاحب النص هذا الموقف بإظهار أن
"الأنا" الواعي ينكشف كفردانية مستمرة ومستقلة تمام الاستقلال عن الغير،
وتتمتع بوجود خاص أصيل وتتسم بالفعالية والإيجابية في وجودها (الوجود الحيوي)،
ويمثل لها الآخر الذي يشاركها الوجود كمقابل لها، مجرد موضوع عرضي غير أصيل يتسم
بالسلبية و اللاإيجابية بالنسبة إليها، ولكنه يسعى لوعي ذاته ومعرفتها. وهنا يبرز
"هيجل" شکلان من
"الذوات
متمايزان ومستقلان و متناقضان لكنهما يلتقيان من خلال دراما الوعيين للآخر كل يسعى
لإثبات ذاته لنفسي، ليقول "أنا" وعي كامل، ويفر فان فا على
"الغير" ويتغلب عليه، وجعل، تابعا له، وكل هذا عند "ه ل"
بوفالوی ما را الدخول في صراع عنيف ضد الآخر كوسيلة لإثبات الحياة الحقيقية والوعي
المال أو الموت ونفي الذات وتبعيتها للغير. يقول: "
يتحدد سلوك كلا الوعيين بالذات من خلال إثبات كل منهما (الد أبا ومن خلال إثبات
أحدهما ذاته للآخر، بواسطة الصراع من أجل الحياة والموت من هنا كان الصراع
مغامرة بحياة الذات كلها، ومخاطرة بالوعي لإثبات أو الحقيقي والحفاظ على حرية
الأنا واستقلالها، وهذا هو شرط معرفة الارات، وا را الاعتراف بوجودها، وإلا فقدت
هويتها وحريتها، يقول "هيجل" : " فإنما الم آرا بالحياة هي السبيل إلى الحفاظ على
الحرية، وهي السبيل إلى البرهنة على ماهية الوفي بالذات...'
الصياغة المنطقية للحجة:
.
إذا كان الصراع مع الغير وسيلة لمعرفة الذات، فإنه ضرورة لها, . لكن الصراع مع
الغير وسيلة لمعرفة الذات.
• إذا: فهو
ضرورة لها.
- لكن هذا
التصور الهيجلي لعلاقة الأنا بالآخر، برغم ما فيه من حراك حبان و مرو را اللوجود،
إلا أنه من جهة أخرى لا ينسجم مع المفهوم الأخلاقي للعلاقات الإنسانية التي ترفض
منطق الهيمنة والصراع والتناحر من أجل البقاء. فكرامة الإنسان ورای عقله لا تنظر
إلى الآخر کسالب وجب رفضه وإخضاعه والانتصار عليه، بل ك النظر إليه كشبیه لنا،
يشاركنا الوجود نبادله التعادل في الاعتبار والتواصل معه، علی أساس التقارب
والتفاهم.
حل المشكلة:
و عليه نستنتج أن وعي حقيقة الذات وإثبات وجودها
الفعلي لا تتحدد دائما وفا منطق الصراع والغلبة والإخضاع، لأنه لا ينسجم مع القيم
الأخلاقية للإنسان من جهة، كما أنه من جهة أخرى فيه مخاطرة بالذات، يدفعها دائما
لعدم الاسسسافرار واللاأمن.
نص"
. إن الوعي بالذات هو
أولا، وجود لذاته بسيط، مساو لنفسه، ينفي من الذات كل ما هو آخر، فماهيته وموضوعه
المطلق هما بالنسبة إليه الأنا، ثم إنه في هذه المباشرة، | وفي هذا الوجود، وجود
لذاته، يقوم شيئا منفردا متميزا. أما ماهو الآخر، | النسبة إليه، فهو باعتباره
موضوعا عارضا، موضوع موسوم بالسلبية، غير أن الآخر و أيضا وعي بذاته، وعلى هذا
النوع يمثل فجأة فرد أمام آخر وجها لوجه. وإذ ما يمثلان مباشرة على هذا النحو يغدو
كل منهما في نظر الآخر، كما لو كان موضوعا ما. فهما شكلان مستقلان، ثم إنه لما كان
الموضوع قد تعين هنا باعتباره حياة، فإنما وعيان قد غاصا في الوجود الحيوي... و
يتحدد سلوك كلا الوعيين بالذات من خلال إثبات كل منهما ذاته لنفسه، ومن لال إثبات
أحدهما ذاته للآخر، بواسطة الصراع من أجل الحياة والموت. ولا مندوحة لهما عن خوض هذا
الصراع، إذ يتوجب على كل منهما أن يرتقي بيقينه | بالوجود لذاته إلى الحقيقة
الكامنة في الآخر. فإنما المغامرة بالحياة هي السبيل إلى الحفاظ على الحرية، وهي
السبيل إلى البرهنة على ماهية الوعي بالذات... فالفرد الذي لم يجازف بحياته قد
ينتزع الاعتراف به شخصا. غير أنه لم يبلغ حقيقة هذا الاعتراف، باعتباره اعتراف وعي
بالذات مستقل". "هيجل"
تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا