JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

تحليل نص فلسفي جان بول سارتر الحرية والمسؤولية العامة


تحليل نص فلسفي  جان بول سارتر الحرية والمسؤولية العامة
طرح المشكلة:
 إننا حينما نتحدث عن المسؤولية والحرية، فإننا نتحدث عن الإنسان ككائن عاقل، لهذا جعل "ديكارت" من الفكر حقيقة يقينية واعتبر أن الذات وجود كل ماهيته التفكير، وهذا الوجود الإنساني ليس مجرد "واقعة" تدخل في نطاق ما هو كائن فحسب، وإنما هو "واجب" يدخل في نطاق ما ينبغي أن يكون، ولهذا السبب يشعر الإنسان أنه دائما يسعى لتكوين صورة لذاته، ماهيته التي يختارها، ومن ثمة يتحمل مسؤولية ذاته وما يترتب عليها من أفعال. من هنا جاء نص "جان بول س ارتر" ليكشف عن فهم جديد الموضوع المسؤولية والحرية وارتباطه الشديد بجوهر الإنسان کو جود شخصي، ليرتقي بالإنسان إلى مستوى آخر في فهم فعل المسؤولية والحرية تجاه ذاته وتحاه الإنسانية جمعاء. فكيف يمكن إدراك حقيقة هذه المسؤولية وهذا النوع من الاختيار؟ وهل بإمكان الإنسان الفرد أن يختار لنفسه وللجميع؟ وكيف تتحدد مسؤولية الجميع من خلال المسؤولية الفردية؟

في محاولة حل المشكلة:
 إن الوعي الإنساني لا يتفتح على الوجود، إلا ويجد نفسه منخرطا في سلك الحياة، مندمجا في تيار الوجود الفعلي، لهذا قال "باسكال": "لقد أبحرت بنا السفينة، وليس في وسعنا سوى أن نمضي" وهذا بالنسبة "لسارتر" هو بداية لوجود الذات، لأن الوجود بالنسبة للإنسان هو أن يكون حرا، وأن يختار ذاته والشخصية التي يريد أن يكون عليها على اعتبار أن الإنسان التمرة لفعله" ولذلك يتحمل المسؤولية كاملة. انطلاقا من هذا يعتقد صاحب النص أن مفهوم المسؤولية الفردية وحريتها واختيارها، وجب أن ير تقي من المستوى الفردي ودائرته الضيقة والخاصة إلى مستوى إطار مجموع الناس أو الإنسانية . لأننا جميعا نندمج في محيط هذا الكون الشامل، ونحن بذلك نساهم أجمعين في تحقيق ما يكون فيه من خير أو شر على حد سواء. فمصيرنا جميعا واحد بالرغم من شعورنا بالفردانية والتميز، إذ يكفي أن واحدا من الناس مهما كانت منزلته يصنع جميلا وخيرا أو يصنع مكروها و شرا فإن أثر ذلك يكون لا محالة على الجميع دون استثناء، وهذا ما تصنعه الحروب، الفتن والنزاعات، الفشل في اختيار الأنظمة الاقتصادية المناسبة، التجارب النووية ... كلها اختیارات، لكن يتحمل مسؤوليتها الجميع، يقول: "سارتر": "إنني مسؤول عن كل شيء، ومسؤوليتي تمتد إلى تلك الحرب التي اشتركت فيها، كأنني أنا الذي أعلنتها تماما". وهنا يتسع حجم مسؤولية الفرد إلى غيره من الناس، بل ويقر بوعي أنه مسؤول عن نفسه وعن غيره من الناس جميعا على أي فعل يقدم عليه، وأن إرادته الحرة تكشف له أن حريته الإنسانية المبدعة التي يصنع كما ماهيته، ويبني ذاته، ويحدد مصيره.. من خلال مجموع الممكنات التي ينطوي عليها وجوده، هي التي لیست اختيار له وحده، بل هي اختيار لجميع الناس، وهذا معناه أنه يأخذ على عاتقه، قيمة هذا الاختيار، وأن يتحمل بالفعل ما يترتب عليه من مسؤوليات... وتبعا لهذا فإن المسؤولية التي ينادي بما "سارتر" هي مسؤولية عامة لا تقف عند  حدود نشاطنا الباطن، وشعورنا ورغباتنا الشخصية، بل تمتد إلى الأحداث الخارجية، وما يترتب عليها. وهنا يؤكد "سارتر" حقيقة أساسية وهي أن الإنسان في جوهره هو كائن قادر على بناء ذاته لأن الإنسان لا يوجد حقا إلا إذا اختار نفسه بحرية، والحرية هنا ليست مجرد ملكة يتمتع بها الإنسان، بل هي إثبات و خلق و تحقیق و فعل، لهذا كان كل عمل نقوم به يؤدي إلى خلق وتكوين الإنسان الذي نريده، ويخلق في نفس الوقت الإنسان الذي نرغب في أن نكونه، وهنا تعظم مسؤولية الإنسان، ويشتد أثرها لأنها لا تلزمه وحده، بل ترتبط معه الإنسانية جمعاء. وبالتالي يصير الإنسان مسؤول أخلاقيا مسؤولية مطلقة تجاه ذاته وتجاه الآخرين.
أما الصياغة المنطقية للحجة فهي:
إذا كان الإنسان يختار ذاته بحرية فإنه مسؤول عن ذاته وعن الآخرين.
 لكنه اختار ذاته بحرية .
 إذا فهو مسؤول عن ذاته وعن الآخرين.
- لكن برغم ما في هذا النص من قيم الارتقاء بمفهوم المسؤولية والحرية إلى مستوى وعي الوجود الفعلي للإنسان، وإعطاء تصور جديد للاختيار المسؤول... لكنه من ناحية أخرى يحمل الفرد أكثر من طاقته، على اعتبار أن الوجود الإنسان خاضع الكثير من الأسباب والعوامل الوراثة، البيئة، التربية، النفس...). وهذا ما يفقد حرية الاختيار، وبالتالي كيف يتحمل المسؤولية؟
- كما أن هناك من يعترض على هذه المسؤولية كاملة، فيقول: ولكني لم أطلب أن أوجد، وما أردت أن أولد... فكيف أكون مسؤولا عن مجرد وجودي، وفوق هذا أتحمل مسؤولية غيري؟ فهذه مسؤولية لا معقولة.
 - كما أن المسؤولية الشاملة عند "سارتر" تقوم على أساس حرية الاختيار، وهذا الاختيار هو نفسه مجرد فرض ليس له مبررات تؤكده، لأنه قضية خلافية بين الفلاسفة.
حل المشكلة:
 و عليه نستنتج أن فكرة الحرية والمسؤولية بينهما رباط وثيق فالمسؤولية تحمل صیغات الأفعال والحرية إرادة اختيار بعيدا عن كل ضغط، لكن "سارتر" يعطي لهما معنى واسعا لدرجة يصير الإنسان فيها مسؤولا عن الكل ويختار للجميع، وهذا ما يقرر مسؤولية واضحة وغامضة، وحرية مظلمة، وبالتالي كيف نقدم حسابا عن سائر أفعالنا؟

نص". حينما نقول: إن الإنسان مسؤول عن ذاته، فإننا لا نعني بذلك أنه مسؤول عن الين، الفردية فحسب، بل إننا نعني أيضا أنه مسؤول عن جميع الناس، وحينما | أقول: إن كل فرد منا يختار ذاته، فإنا لا نعني بذلك، أنه يختار لنفسه فحسب، | بل و بختار أيضا لجميع الناس. والواقع أنه ليس ثمة فعل من أفعالنا لا يكون من وأنه حين يبدع الإنسان الذي تريد أن نكونه، أن يبدع في الوقت نفسه صورة الإنسان على نحو ما نريده على أن يكون، وإذن فإن مسؤوليتنا هي في الحقيقة أعظم بكثير مما تتوهمه لأول وهلة، فإنها لا تلزمنا نحن فقط، بل هي تلزم الإنسانية یاسر ها [...]. و معنى هذا أني مسؤول أمام نفسي وأمام الآخرين".
"جان بول سارتر"
 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة