JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

قارن بين الفلسفة البراغماتية والفلسفة الوجودية

إن الفلسفة البراغماتية والفلسفة الوجودية تؤسسان الفكرة بناء المشروع عند الإنسان
قارن بين المذهبين، ووضح فكرة المشروع عند كل منهما . الطريقة


طرح المشكلة :
 إن الميزة الأساسية التي تنطبع ما الفلسفة المعاصرة عموما، وتشكل أساس محاورها و موضوعاتها، هو الاهتمام بالإنسان، وجعله القضية المركزية في كل تحليلاتهما، ومن أشهر الترعات الفلسفية المعاصرة، التي عبرت عن هذا بوضوح: نحد الفلسفة البرغماتية، والفلسفة الوجودية، هذا من خلال رفضهما للفلسفات النظرية التأملية السابقة، والتوجه نحو الاهتمام بالإنسان، وبقضاياه والتأسيس لتصور جديد، هدفه فهم واقع الإنسان المعاصر، والسعي لتجسيد المشروع المستقبلي له، وانطلاقا من هذا نتساءل: ما الفرق بين المذهب البرغماتي والمذهب الوجودي؟ وما حقيقة فكرة المشروع عندهما؟ وهل بينهما اختلاف في كيفية تحسيد فكرة المشروع المستقبلي عند الإنسان؟

في محاولة حل المشكلة:
" مواطن الاختلاف:
 الواقع أن هناك الكثير من الاختلافات و الفوارق الجوهرية بين المذهب البرغماتي والمذهب الوجودي من أبرزها:
 - المذهب البرغماتي فلسفة أو اتجاه فلسفي مبدأه النظر إلى الأشياء جميعا وحتى الإنسان
- من بعدها العملي، وبالتالي اعتماد كل الوسائل والأدوات التحقيق أغراض عملية للإنسان، وأن كل عمل أو أداة مهما كان نوعها وجب أن تكون وسيلة أو ذريعة لتحقيق نتائج عملية مباشرة، أما الأرهب الو حسودي فهو نزعة فلسفية جوهر موضوعها وأساسها الذي تقوم عليه هو الاهتمام بالإنسان والبحث في الوجود الإنساني، وإبراز قيمته، ومعرفة الأسباب والعوامل المؤثرة فيه، وبالتالي اعتبار الإنسان محور النظر والتفكير، وأن الوجود الإنساني هو المشكلة الكبرى التي يجب الاهتمام جما.
- من ناحية أخرى الفلسفة البرغماتية منهج يؤسس "لمشاريع عملية العبرة فيها
وقيمتها بالغايات والنتائج، وما يترتب عنها من آثار عملية مفيدة لواقع الإنسان وحياته. لذلك كل التجارب والأفكار، والاتجاهات والمعتقدات مقبولة بشرط أن تكون عملية وتفيد واقع الإنسان، وإلا فهي مرفوضة جميعها. لذلك يقول "بيرس": "إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج، أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له، وليست حقيقة في ذاتها". بعکس الفلسفة الوجودية التي تعتبر الإنسان محور الوجود، وأنه مشروع المستقبل، لأنه مشروع وجود غير مكتمل، يسعى نحو المستقبل لإكمال ذاته والتعبير عن ماهيته التي يحملها ويتميز بها ع ن غيره. لذلك يقولون: "بالوجود السابق للماهية". يقول "سارتر": "الإنسان مشروع وجود يحيا ذاتيا، ولا يكون إلا بحسب ما ينويه، وما يشرع بفعله، وهذا الفعل الحر الذي يختار به ذاته، يخلق ماهيته بنفسه".
 - كما نجد عند البرغماتيين أن الهدف عند الإنسان والعبرة من الحياة، وغاية مشروعه هو تحقيق نتائج ناجحة ونافعة ومفيدة، تعبر عن الطموح والأمل والمستقبل، لأنه لا قيمة لعمل أو فلسفة أو فكرة إن لم تتوج بالنجاح والفائدة و بالتالي فهي صحيحة ومقبولة، وإن لم تحقق ذلك فهي خاطئة وباطلة وجب رفضها. يقول "وليام جيمي": "إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي..."، ويقول أيضا: "الفكرة الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة" . أما الوجودية فالهدف عندها ومن مشروعها هو أن يحقق الإنسان ذاته الناقصة وتحديد ماهيته التي يختارها، لأن الإنسان عندهم ليس له صورة مثالية مسبقة،
ولا تو جد، طبيعة بشرية فرضت منذ الأزل، بل هناك اختيار و إمکان مستمر على الإنسان أن يحققه في المستقبل. لهذا تصير حياة الإنسان كلها م شروعا مفتوحا على الاختيار بين الممكنات، والعمل على تجسيد أحد أوجه الممکنات
كقرار واع يحدد من خلاله ماهيته وقيمة وجوده الممكنة، وبالتالي تحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الاختيار وما يترتب عنه من نجاح أو إخفاق كمشروع حياة، وهذا ما يضع الإنسان الوجودي دائما أمام المغامرة والمخاطرة
وما يصحب ذلك من قلق وحيرة ومعاناة لما يترتب من نتائج.
- وعلى هذا نجد البرغماتية توجه لمعايشة الواقع مباشرة والتعامل معه من منظور تحكيم معيار المنفعة والفائدة العملية، أما الوجودية فتدفع الإنسان إلى معرفة ذاته باعتبارها حقيقة الحقائق، وبالتالي أن يعيش وجوده في أعماقه وإدراك ماهيته التي شكلها، وهذا ما يجعله كائنا متمردا على جميع الأشياء الأخرى لأنه مغاير لها.

مواطن الاتفاق :
 - إن كلا من المذهب البرغماتي والمذهب الوجودي كانا فلسفتين ترفض الفلسفات التأملية النظرية السابقة، لأنها لا تتلاءم مع طبيعة الواقع الإنساني المعاصر ومقتضياته وظروفه.
- كلا الفلسفتين اهتمتا بالإنسان وبواقعه، وبكيفية تحقيق قيمة وجوده. - كلاهما مذهب يعبر عن الاختيار الإنساني ومواجهة الواقع، وتحديد طرق التعايش الإيجابي والفعلي معه.
- كلاهما فلسفة لفكرة المشروع عند الإنسان وأسلوب تجسيدها.
مواطن التداخل:
 في الحقيقة هناك تداخل وتكامل بين المذهب البرغماتي والمذهب الوجودي علی مستوى الواقع الإنساني والتعبير عن حقيقته حتى وإن كان هناك اختلاف جوهري من حيث المنطلقات والمبادئ والأهداف.
 فالمذهب البرغماتي اهتم بالوجود الموضوعي للإنسان واستثمر في واقعه باتجاهه العملي الذي يطلب المنفعة والنجاح عمليا. وبأثر يعود على الإنسان مباشرة، ويحقق وجوده. والمذهب الوجودي اهتم بالوجود الذاتي للإنسان والتعبير ع ن أعماقنا وحيوية ذواتنا. وفهم ماهيتنا وجوهرنا الإنسان والعمل على تجسيده بوعي وحرية. وهذا ما يجعل منهما مذهبين كل واحد منهما يلمس بعدا من أبعاد الإنسان، والوجود الحقيقي للإنسان يتجلى في التكامل بينهما. فالإنسان يعي ذاته ، ويعيش الوجود ويفكر فيه.
حل المشكلة :

نستنتج في الأخير أن الفلسفة البرغماتية والفلسفة الوجودية لكل منهما تصور فكري للإنسان وعلاقته بالواقع وطريقة التحقق الفعلي لمشروعه المستقبلي، لكنهما يتفقان حول فكرة المشروع والعمل على تحسيده كاختيار.

 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة