JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

"إن التسامح خلق الضعفاء" أبطل هذه الأطروحة استقصاء بالرفع.


"إن التسامح خلق الضعفاء" أبطل هذه الأطروحة استقصاء بالرفع.
طرح المشكلة:
 المعروف والشائع بين الناس أن التسامح مبادرة إلى الخير، و اقتدار م ن الإنسان، وترفع وإحجام عن العقاب، وارتقاء إلى مستوى العفو والصفح عن الغير، مهما كانت درجة ما اقترف وما أقدم عليه من جرم، فتلك أرقى الإرادة والتحكم في النفس. لكن هناك فكرة تناقضها، يعتقد أصحابها أن العفو والتسامح والرحمة، هي أشكال من الضعف والتخاذل وعدم إحقاق الحق والتساهل مع أهل المفاسد قد يؤدي إلى اختلال المجتمع والنظام فيه. فكيف علي إبطال هذه الأطروحة التي تنظر إلى التسامح على أنه ضعف وتخاذل؟ وكيف علي تفنيدها ورفعها وإظهار فسادها؟
في محاولة حل المشكلة:
 و عرض منطق الأطروحة:
 إن الحياة الإنسانية هي بالتحديد إرادة القوة، والتنازع على البقاء وصراع من أجل الحياة، لهذا يذهب أنصار هذه الأطروحة وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني "نيتشه" وأنصار نظرية التطور ومنهم "داروين" و"سبنسر" أن معركة الحياة وبناء المجتمع أساسها القوة والعنف وليس الطيبة والتسامح وأساسها الكبرياء لا الخنوع والخضوع، أما أخلاق العفو والتسامح والمساواة والرحمة والشعور بالعطف علی الضعفاء هي ضرب من الضعف والشلل، وإحلال لإرادة موت الحياة.
هذا يؤكد "نيتشه" أن التسامح والرحمة والشعور بالعلف هو ضرب من الشلل، يفقدنا بعض قوتنا الشعورية حين نوجهه إلى مخلوقات لا پر حسی لا إصلاح، ويضيف أن تحكيم هذا الشكل من الأخلاق هو نوع من الانحلال والانحطاط بل ونفي لإرادة الحياة، وانزلاق كما إلى الهاوية، لهذا وجب الوقوف أمام هذه المؤامرة التي تريد إماتة روح الحياة واقتلاعها وذلك بالتأسيس لأخلاق القوة ك سلاح طبيعي للصراع من أجل البقاء، ويوافقه على هذا "مكيافيلي" الذي يرى في العنف والقوة فضيلة جوهرية تمكن من إنجاح أي إنجاز.
إبطال الأطروحة:
غير أن منطق هذه الأطروحة يظهر أنه لا يتناسب مع كرامة الإنسان وقيمته ككائن عاقل يعرف الخير من الشر، والصالح من الفاسد، فكيف يصل إلى مستوى اعتماد القوة و تعنيف أخيه الإنسان، واستغلال ضعفه؟ فهذا لا يؤسس لمجتمع إنساني تحكمه القيم بل هو نزول إلى مرتبة الحيوان الأعجم. كما أن هذا التصور لا يؤسس لاستقرار المجتمع وتضامنه وألفته، بل يدعو إلى الصراع والتنازع وتشجيع العدوانية والانتقام بين الناس بحسب دورة عوامل القوة والضعف... ثم إن الأخلاق التي يدعو غليها هؤلاء لا تسمى أخلاق ولا فضائل، مادامت هي تسلب ما للضعيف وجرحه وتعنيفه واضطهاده والغلظة عليه واستغلاله، كلها رذائل وسلب لمعنى الأخلاق ورفعة قدرها وعلو همة أصحابها، وإيثارهم للخير والإحسان إلى الخصم بدل الانتقام منه. و مجموع هذه التي تظهر فساد هذه الأطروحة، أدت إلى ظهور خصوم لها:
نقد منطق أنصار الأطروحة:
 إن أنصار هذه الأطروحة قد جانبوا الصواب في نظرهم إلى التسامح، لأنه فضيلة وثقافة وتربية، ونضال ضد المفاسد العنفية والعدوانية .كما أن التسامح خلق وفضيلة تؤكد أن الإنسان يستطيع أن يتجاوز عدوانية نفسه، ويرتفي من المطالب العنفية إلى العفو عن الغير الذين أخطأوا أو اعتدوا... له ذا يقول "غاندي": "إن أكبر قوة يمكن للإنسانية أن تتحلى بها هي اللاعنف". ولنا في النماذج السلوكية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمثلة على قوة التسامح وقدرته على التأليف بين القلوب، والجمع بين الناس. فقد قال لأهل مكة بعد فتحها، وهو القادر على معاقبتهم على ما فعلوه له: "... لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم... اذهبوا فأنتم الطلقاء..."، ويقول الله لك: "ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعفوا عنهم، واستغفر لهم..."، وقال أيضا: "و إن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم". وكل هذا يؤكد قوة خلق التسامح وأثره في الأفراد والجماعات.
حل المشكلة
 نستنتج في الأخير أن الأطروحة القائلة: "أن التسامح خلق الضعفاء" أطروحة باطلة وفاسدة. لأنها لا تعبر عن حقيقة خلق التسامح كفضيلة تجمع ولا تفرق، تميت الشر والعدوانية في النفوس ولا تحييها.

 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة