JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

هل العولمة استراتيجية تنموية أم إطار جديد للسيطرة والاستغلال


هل العولمة استراتيجية تنموية أم إطار جديد للسيطرة والاستغلال؟
 الطريقة جدلية
طرح المشكلة:
 إن المتتبع لمراحل التاريخ البشري يلاحظ أن لكل عصر مفاهيمه، ومصطلحاته، ولكل حقبة تاريخية اهتماماتهما، وقضاياها وانشغالاتهما. ولهذا تتجدد ألفاظ الحضارة، وتبرز الأفكار والمفاهيم الجديدة، ومن أهم المفاهيم الجديدة لهذا القرن "مفهوم العولمة". حيث نجده يفرض نفسه على الحياة المعاصرة في جميع مستوياتها، الفكرية والعلمية، والاقتصادية والإعلامية والتربوية.. وكأنها مشروع عالمي، تدفع بالجميع للاندماج فيه، وتبنيه والعمل به والعيش في إطاره. وهذا ما يدفعنا للتساؤل ع ن حقيقة هذه العولمة: هل هي إستراتيجية تنموية لجميع الشعوب أم أنها مجرد إطار جديد للسيطرة والاستغلال؟

في محاولة حل المشكلة:
عرض الأطروحة (الموقف الأول):
تعتبر "العولمة" منظومة من المبادئ السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية تهدف إلى التأسيس لمشروع عالمي متعدد الميادين، عبر أسواق عالمية كبرى، مفتوحة ومتحررة من كل العوائق، حيث تفتح الحدود، عبر النمو الاتصال، وتطور التكنولوجيات، فتنتقل الأفكار والأشخاص، وتتلاقح الثقافات في فضاءات مفتوحة للجميع، فيصير العالم كله "سوق" كونية تحكمها معايير ومقاييس المجتمع العالمي، وتعتبر رؤوس الأموال هي المحرك الأساسي لهذا السوق العالمي، في الميادين الاقتصادية أو الإعلامية أو التكنولوجية وغيرها...، لذلك لا بد من إعطائها المساحة الكاملة وفتح كل الحدود، في ضوء مقاییس التنافس والمردودية على المستوى العالمي. يقول "برهان غليون": "العولمة ديناميكية جديدة تبرز داخل دائرة العلاقات الدولية و تحقیق درجة عالية من الكثافة والسرعة في عملية انتشار المعلومات والمكتسبات التقنية والعملية للحضارة" وبالتالي فالعولمة إستراتيجية تنموية جديدة، وجهاز قيادي جماعي للعالم، من طرف مصالح اقتصادية قوية عابرة للحدود والأمم، والهدف من هذا هو العمل على تحقيق الثراء، من خلال جعل التجارة هي العلاج العالمي المناسب لجميع الأمراض الاجتماعية، وذلك بتوسيع دائرة الخيارات الاقتصادية، وحركة الاستثمارات الدولية والأسواق العالمية المفتوحة، ثم السعي التعميم وسائل الاتصال والتواصل وجعل الفرد جزء من منظومة عالمية للاتصالات، وذلك بتشجيع استثمار القطاع الالكتروني، بواسطة مؤسسات كبرى متعددة الجنسيات... وكل هذا من شأنه أن يعمق التأثير في الثقافات الإنسانية، والسلوك الاجتماعي، لإلغاء التمايزات المختلفة، وتغيير الأنماط المعيشية يقول "أنتوني جيتر": " العولمة عملية اندماج المجتمعات العالم، كي تنصهر في بوتقة واحدة، مهما تباعدت بينها المسافات، يتشارك فيه كل البشر في الرؤى والخيارات والتحديات". مما يعني أن العولمة تسعى لخدمة الإنسانية، وتقريبها من بعضها البعض، وتنمية القدرات الحضارية لتحقيق تعایش سلمي عالمي، وإقامة اقتصاد عالمي عادل ومفتوح يستفيد منه الجميع. هذا يقول "مارتن ألبرو": "العولمة هي تلك العملية المتشابكة التي يتفاعل فيها البشر في ظل مجتمع واحد...".
النقد :
لكن هذه العولمة في حقيقتها لا نجدها تخدم الجميع، لأنما إيديولوجية تحكمها إرادة الأقوياء وتوجهها لصالحها فقط، وبالتالي فهي ليست تنمية لجميع الإنسانية. كما أن العولمة ما هي إلا مجرد سياسة اقتصادية لا تعترف إلا بلغة المصالح والمنافع، وخدمة عمالقة الأسواق، فهي لا تراعي الضعفاء والفقراء، بل تدوسهم وتقضي عليهم في إطار التذويب الاجتماعي العالمي، وطمس هوية الشعوب الضعيفة والمتخلفة واستغلال خيراتها.. مما يحول العولمة إلى إطار و نظام جديد للسيطرة والاستغلال.
نقيض الأطروحة (الموقف الثاني):
 إن فلسفة العولمة وإيديولوجيتها تؤسس لاتجاه و نظام جديد يهدف إلى السيطرة على العالم، وجعله في نسق واحد، والعمل على التغلغل والتأثير والهيمنة على مقدرات الشعوب والدول الضعيفة، فالعولمة سوق وحراك اقتصادي عالمي تحكمه لغة المال والأعمال، والربح والاستغلال والسيطرة على الآخر، وفرض التبعية عليه، فهي خادمة للأقوياء، وتوجهها "ليبرالية" سيئة ومتوحشة، تشجع الإخضاع والسيطرة، وخلق بؤر الاضطرابات والفوضى والأزمات، والانفجار الاجتماعي المستمر لأجل إيجاد مجال لفتح أسواق جديدة في إطار نظرية "الفوضى الخلاقة". لهذا يؤكد "هارالد کلیمانطا" في كتابه "أكاذيب العولمة" أن العولمة تقول بالتنوع والتعدد الإيجابي، لكنها في الواقع تبرز عمليا من خلال الهيمنة والسيطرة أحادية الاتجاه، ممثلة في الليبرالية الأمريكية، كخط أحادي يفرض منطقه واتجاهه في جميع الميادين، ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن العولمة فاسدة و سیاستها عرجاء. لأنها تنظر إلى الإنسان كاشياء مادية، وتعامله كبضائع تحدد قيمتها في السوق، ومن هنا يبدأ الاستغلال، وانتشار البؤس والحرمان الاجتماعي وازدياد عدد الفقراء.. فهي عولمة تتحكم في الأسواق المالية والنقدية، وتخضع لسلطتها الحكومات والدول خاصة الضعيفة منها، وتغرقها بالديون والتبعية ورهن سيادتها واستقلالها. ويؤكد موقف أصحاب الحوار الحضاري أن العولمة في شقها السلبي ترتدي لباس الغزو الثقافي وطمس الانتماء، والتدمير الأخلاقي للأمم، عبر أجهزة الاتصالات والتكنولوجيات المعلوماتية الحديثة. لمحو الموروث الشعبي وإفراغه من أصالته وانتمائه، والترويج المغريات ثقافية أخرى غريبة: في الأخلاق، والترفيه، واللباس، وتشجيع الإباحية... وكل هذا يؤكد أن العولمة تفود ضاغط، وهيمنة اقتصادية ، و لر يسعى للسيطرة على الأمم والشعوب الضعيفة خاصة .
النقد :
- غير أن هذا الاتجاه الذي ينظر إلى العولمة على أنها خطر كلها، وأما شر وجب محاربته هي نظرة فيها كثير من السوداوية، والتشاؤم المفرط، على اعتبار أن العولمة فكرة وإطار أبدعه الإنسان وبالتالي يمكن التحكم فيه وتوجيهه لخدمة الصالح العام. إذا ضبطناه بقيم إنسانية عادلة.
التركيب:
إن العولمة اليوم أمر واقع، وظاهرة يجب التعامل معها بجدية، والدليل على ذلك، هذا التطور المهول في عالم الاتصالات والمعلوماتية، والتحولات العميقة في الثقافة والإعلام والاتصال، ومجموع المتغيرات في ميادين الاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والزراعة والفضاء.. وغيرها من الميادين.. تثبت أن العولمة ليست كارثة أو سيطرة استعمارية، لكنها في حقيقتها إطار أو أداة ذات حدين، يمكن للإنسانية أن تستثمرها وتستعملها في تنمية واقعها، وخدمة حضارها، والانفتاح على العقول والخبرات البشرية والاستفادة منها... كما يمكن أن تكون العولمة سبب في زيادة شقاء الإنسان، وزرع منطق الاستغلال والسيطرة والتبعية مهما تعددت أوجهها. لهذا يمكن القول: أن المشكلة لا تعود إلى العولمة كأداة، بقدر ما تعود إلى الإنسان باعتباره مصدر مقاصد مبيتة، فهو المبدع، وهو المخطط لأهداف العولمة، ولطريقة استثمار نتائجها.
حل المشكلة:
 و منه نستنتج أن العولمة فكرة أو إطار نظري، أبدعه الإنسان، لتعبر في الواقع ع الفعاليات الاجتماعية، والفعاليات الاقتصادية على الخصوص، لذا فالإنسان ن المتحكم والموجب لها. ه و فقد تكون العولمة وسيلة وإطار لتنمية كل خير، كما يمكن أن تكون أداة جديدة لكل شر.
 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة