JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

من الفعالية العضوية إلى الفعالية الشعورية

من الفعالية العضوية إلى الفعالية الشعورية 
لم يتفق العلماء على تفسير واحد لعملية التذكر من حيث أنه عملية يتداخل فيها ما هو عضوي وجسمي بما هو نفسي، فضلا عن أن هناك صعوبة كبيرة في عملية تذكر الأحداث الماضية البعيدة نسبيا، وصعوبة ربط الذكريات بعضها ببعض ربطا يساعد على بناء الماضي، وبهذا فهو جهد فكري تتدخل فيه العضوية والإرادة وكل الفاعليات النفسية الأخرى :


 1. الخصائص العضوية للتذكر :
إن تفسیر عملیات تثبيت واسترجاع الذكريات الذي يدافع عنه الفيزيولوجيون | والماديون بشكل عام يتمثل في أن هناك أجهزة عضوية الذاكرة تخزن فيها الحوادث التي تم إدراكها، ومن ثم فهي بحاجة إلى وسائل للتخزين والحفظ على مستوى الدماغ من جهة، وإلى وسائل لاسترجاع أو إخراج المعلومات من الذاكرة على المستوى نفسه من جهة أخرى . لكن كيف يفترض أن تتم هذه العمليات ؟ يعتقاد ريبوا مثلا، أنه يمكن زرع الذكريات في منطقة مخصصة من دماغ الإنسان، 2 والتي تتلقى المعلومات عن طريق حاسة السمع فتحفظ بسرعة لكنها ستكون عرضة النسيان بسهولة لأنها محفوظة في مايعرف بالذاكرة الحسية أو المخزن الحسي وهو شعبية بالصورة التي تبقى في المخيلة بعد النظر إليها . ولذلك إذا أراد الإنسان أن يثبتها أكثر لابد وأن ينقلها إلى ما يعرف بالذاكرة قصيرة المدى وذلك بالانتباه | و بالتركيز لمادة قصيرة لتا. خل مجال الوعي، وحتى هذه العملية لا تحفظ المعلومات
الوقت طويل . فنحن نعي الأفكار والمعلومات والحوادث لفترة ما ولكن لا يبقى منها إلا القليل الذي حفظ أو كرر ؛ وبالتالي فهذه الذاكرة تقوم بالتخزين السريع للمعلومات والخبرات، وأيضا تقوم بنقل هذه إلى مخزن آخر يعرف بالذاكرة ذات المدى الطويل . والمعلومات التي تتلقاها عندما نفكر فيها للحظة تحفظ في الذاكرة ذات المدى القصير لمدة قصيرة، وبالتالي فهي عرضة للنسيان، لكننا لو تعاملنا معها بعمق وتأملناها جيدا وربطنا بين الأفكار ( وحتى الألفاظ ) بأخرى موجودة في الذاكرة، أو قمنا بتكرارها، فإنها تنقل إلى المخزن ذي المدى الطويل، وهناك نقش على الدماغ في منطقة مخصصة للذكريات. كما أن هناك اتصالا بینهما ؛ فيمكن نقل ما هو موجود في المخزن ذي المدى الطويل إلى المخزن ذي المدى القصير .
وتظهر الفاعلية العضوية في عملية الاستعادة والاسترجاع ؛ فيحتمل أن يكون مكان الدراسة الذي التقت فيه بطلتا الوضعية المشكلة السابقة ( وهو المدرسة الثانوية ) قد لعب دور ( المذکر) أو ( المنبه ) للتذكر، والسبب الذي يفر به ذلك هو أن المنبه ينشط دوائر المخ العضوية التي تخزن فيها الذكريات، والاسترجاع يتوقف على المنبهات التي تكون أحيانا كلمة، أو إشارة، أو فكرة، أو مكانا أو صورة . وهكذا يتحدث العلماء الماديون عن آثار الذاكرة المنقوشة على سطح المځ ، رغم اختلافهم فيما يتعلق بشكلها .

تعقيب : إن الذاكرة في علم النفس هي حفظ الذات لتفاعلها مع العالم الخارجي مما يجعل في إمكانها تردید و استخدام هذه النتائج في نشاط لاحق، وتصنيفها وربطها في أنساق، وهي الكل الإجمالي للنماذج الذهنية للواقع التي تشيدها ذا معينة، ويشمل تشکیل و تحديد الروابط العصبية المؤقتة والآلية الفيزيولوجية لذاكرة الإنسان . و يمكن تحديد طبيعة الذاكرة بعوامل تكوينها ومنها : العوامل العضوية التي اتحاد د دور الجسم والجملة العصبية ؛ وهذا يقتضي البحث في طبيعة الدماغ ودوره فيعملية التصور. ومن علماء النفس و الفيزيولوجيا من يقر بالتمايز بين أنواع للذاكرة انطلاقا من طبيعة كل منها، ومن درجة وشدة التعقيد والتداخل بينهما؛ ومعنى هذا أن الاسترجاع - كما ذكر برغسون -- ينتج عن المخروط الذي يحوي الذكريات المحفوظة في الأنا العميق، والتي لا يصل منها إلى ساحة الشعور إلا التي لها دخل في النشاط الراهن . وهكذا من خلال تجربة التذكر، نتمكن من الشعور بالزمن الذي هو في الواقع شعور يتم في النفس، ما دام الماضي لا يتجلى فيه إلا من خلال الأحوال النفسية الراهنة دائما . أما الفاعلية العضوية فتوضح لنا فقط الجانب المادي في آلية الذاكرة، وهذه الآلية ليست إلا أداة ناقلة تستند إليها مهمة تجميع الحركات وتحويلها إلى خبرات معينة 
2. الخصائص الشعورية للتذكر :
تتوقف سيارة أحدهم فجأة في أحد الشوارع المكتظة، يدير مفتاح إدراة المحرك لكن انتحرك بأبی أن یدور، ثم يكرر المحاولة ثانيا، ورابعا، و... ولكن عبثا تحاول السيارة الانطلاق، والبطارية تكاد تنضب، والسيارات الأخرى تزعجه بمنبهاتها الحادة، ماذا يمكنه أن يفعل لحل هذه المشكلة ؟ إنه ليس خبيرا في الميكانيك، ولكن بعد دقائق يتذكر أن الأمر قد يتعلق بالشمعات، لأنه عاش نفس المشكلة من قبل ؟ إذن يمكن أن تكون الشرارة الكهربائية المنبعثة عن الشمعات ضعيفة جدا، ومن حسن حظه أن الشمعات الجديدة محفوظة معه في الصندوق الأمامي للسيارة . فماذا نلاحظ من خلال هذه الحادثة ؟
إن معطيات الإدراك والذكاء لم يجدیاه نفعا في حل هذه المشكلة، فكان من | الضروري الرجوع إلى خبرات الماضي كي يستعين بها في حلها، وتمثل ذلك في | تذکره حالة مماثلة ؛ إن هذا الماضي الذي ينتمي إليه ليس مجردا أو مطلقا، وإنما | هو ماضي المدرك؛ فإذا تذكر أمرا من الأمور وجد نفسه فيه، ووجده في ماضيه، ورأى بعده الزماني، وبعده المكاني، وتتابع أدوراه مع تباین صوره . فإذا أراد الآن أن يسترجع تلك الحالة الشعورية التي صاحبته وهو يخوض تلك التجربة لأول مرة، | يدرك حينها أنه لا يستعيد الماضي على شاكلة الصورة الأولى الآلية، بل أنه يحيا | الماضي في الحاضر ؛ إنها ذکری حادثة واحدة نفسية لا تتكرر، بل إن التكرار قد يضعف حيويتها وهذه هي ذاكرة الصور النفسية التي تعيش الماضي وتستحضره. -
إذن الاستعانة بخبرات الماضي في حل مشكلة من مشكلات الحاضر التي يعجز عن حلها الذكاء تسمى بعملية إعادة بناء حالة شعورية ماضية، وهذه الحالة | الشعورية إذن تسمح بالتعرف على مكونات الذاكرة، إنها استبعاد الآثار العادة في مثل هذه الحالة، وبيان الدور الكبير الذي يلعبه الشعور في عملية التذكر ؛ وهذا | ما يميز الذاكرة عن العادة ، فالعادة فعل آلي، بينما الذاكرة فعل واع قوامه الشعور، وهو فعل حاضر يتعلق بالماضي، ويتميز بطابعه الواعي، ويمارس تأثيرا على العادة | والتداعي والإدراك، للحصول على صور يقوم بتصنيفها إلى تنظيمات محركة تختزن الماضي، وتملك القدرة على إحيائه في الحاضر.




الاسمبريد إلكترونيرسالة