ملابسات إكتشاف اللاشعور
1. وجود اللاشعور :
يتجلى اللاشعور في أشكال كثيرة ؛ فهناك المنعكسات كالتنفس، ودقات القاب، وعملية الهضم، وحركة الجفن ؛ وهذا لاشعور فيزيولوجي، ومنها مواقف اخبة والكراهية العفوية الناجمة عن الموروثات المتراجعة ؛ وهذا لا شعور عائلي ، ومنها انفصال الشعور في العصاب حيث يتفرد جزء من الحياة النفسية، ومنها العادات التي بها رسوخها تصادر عنا دون شعور منا ؛ وهذا لا شعور عادي، ومنها الأساطير والمعتقادات التي يتوارثها الناس وتؤثر في سلوكهم دون علم منهم ؛ وهذا لاشعور جمعي . بالإضافة إلى اللاشعور المرضي ( الباتولوجي) وهو معروف.
أما من الناحية السيكولوجية الصرفة فإن اللاشعور فرض صاغه عالم النفس والطبيب النمساوي الشهير سيغموند فروید (1939 - 1856 S . Freud) عندما تبين له إستحالة فهم الظواهر النفسية سواء أكانت سوية ( كالأحلام وهفوات اللسان )، أو مرضية ( كالأعراض العصبية ) عن طريق الشعور؛ وهو يعبر بصفة عامة عن ذلك النشاط النفسي والعمليات العقلية التي لا يدركها صاحبها ولا يعي أسبابها ولا يعرف عن طبيعتها ووجودها شيئا .
2. ظهور التحليل النفسي :
أجرى أحد الأطباء المرموقين في فيينا ( العاصمة النمساوية ) في نهاية القرن | التاسع عشر، تجربة على فتاة مصابة بالهستيريا، فانتبه إلى أنها كانت تتمتم في |حالات الغيبوبة بكلمات بدا أنها تتعلق بهموم شخصية حميمة، فوضعها في حالة تنويم مغناطيسي، وأعاد عليها هذه الكلمات فكررتها المريضة وكونت تخیلات تتسم بالكآبة . وبعد سرد عدد منها تحسنت وعادت إلى حالتها الطبيعية، واختفى التحسن في اليوم التالي، ثم عاد فظهر بعد جلسة جديدة، وواصل علاجه على هذا النحو حتی شفیت . فما تفسير هذا التحول الإيجابي ؟
لقد خلص من العلاج إلى النتيجة الآتية : لم تكن المريضة تستطيع أن تتبين الصلة بين أعراضها وبين أية خبرة في حياتها، ولكنها كانت في حالة التنويم تكشف فورا ( عن الصالة المفقودة ، أي أن أعراضها كانت ذات معنى وكانت بمثابة بقايا أو ذكريات ( من مواقف وجدانية ماضية، وعندما كانت المريضة تستعيد في مخيلتها أثناء التنويم موقفها من هذا القبيل وتنجز في الخيال فعلا نفسيا مكبوتا كان العرض يزول .
ولما تبين من خلال هذه التجربة وغيرها أن المواقف الوجدانية المنسية ليست کذلك إلا في الظاهر ، فقد تحول الاهتمام إلى حث المرضى على أن يتذكروا أحداث ماضيهم دون تنويمهم ؛ لكن هذه الطريقة كانت شاقة في البداية، إذ كان المعالج يصطدم ( مقاومة ) المريض، وكان يتعين عليه أن يقهر هذه المقاومة حتى يتسنی تذكر الماضي، أي أن يقهر ( الكبت ) كعملية لا شعورية تنشأ عن دفاع المريض ضد نزعات لا يرضى عنها . وبذلك نشأت الطريقة الفنية التي تنحصر في تدريب المريض على الإقلاع عن كل موقف نقدي ؛ ومن ثم جاءت القاعدة الأساسية أو قاعدة ( التداعي الحر) التي تفرض على المريض أن يفصح عن كل شيء مهما بادت له فكرة ما مستهجنة أو سخيفة أو تافهة أو عديمة الصلة بالموضوع ؛ أي أن يقوم بتفسير مستداعيات المريض فيتم التطهير .
وسرعان ما جاء اكتشاف التحويل ليكمل أسسه الجوهرية، وفي التحويل بدلا - من أن يتذكر المريض فإنه يسلك إزاء المحلل كما يسلك إزاء والديه، كما أن التحويل جاء مؤكدا أن ما كان يفتعل خلف مظاهر العصاب 3 ليس اضطراب انفعالية عاديا، وإنما هو اضطراب ذو طابع جنسي له جذوره في طفولة المريض وأهم مظاهره هي عقدة ( أوديب ).
وقد أطلق فرويد على هذه الطريقة تسمية ( التحليل النفسي ) ؛ ومن هنا فإن التحليل النفسي فن في التفسير يتم في موقف يضم شخصين، ولذلك كان البحث والعلاج متلازمين كما يقول لاغاش، ثم أن التفسير الذي يكشف عن المعنى اللاشعوري فيما يتم استدعاؤه على أنه رغبة، ينبغي أن يسبقه تفسير يكشف عن المعنى اللاشعوري فيما يتم استدعاؤه على أنه مقاومة ؛ أي بما في ذلك استخدام حيال دفاعية تفصح عن نفسها أثناء العلاج والتحليل النفسي في شكل مقاومات تحول دون الكشف عن الرغبة .
وسرعان ما جاء اكتشاف التحويل ليكمل أسسه الجوهرية، وفي التحويل بدلا - من أن يتذكر المريض فإنه يسلك إزاء المحلل كما يسلك إزاء والديه، كما أن التحويل جاء مؤكدا أن ما كان يفتعل خلف مظاهر العصاب 3 ليس اضطراب انفعالية عاديا، وإنما هو اضطراب ذو طابع جنسي له جذوره في طفولة المريض وأهم مظاهره هي عقدة ( أوديب ).
وقد أطلق فرويد على هذه الطريقة تسمية ( التحليل النفسي ) ؛ ومن هنا فإن التحليل النفسي فن في التفسير يتم في موقف يضم شخصين، ولذلك كان البحث والعلاج متلازمين كما يقول لاغاش، ثم أن التفسير الذي يكشف عن المعنى اللاشعوري فيما يتم استدعاؤه على أنه رغبة، ينبغي أن يسبقه تفسير يكشف عن المعنى اللاشعوري فيما يتم استدعاؤه على أنه مقاومة ؛ أي بما في ذلك استخدام حيال دفاعية تفصح عن نفسها أثناء العلاج والتحليل النفسي في شكل مقاومات تحول دون الكشف عن الرغبة .
وهكذا يمكن أن نختزل البنية التحتية للتحليل النفسي في دعامتين أساسيتين :
أ- الدعوى بوجود عملیات نفسية لا شعورية :
إن النتيجة الأولى التي استخلصها فروید من أعمال بروير هو الإقرار بوجود نشاطات نفسية لا شعورية تختفي وراء الأعراض العصبية، يقول فرويد : ..إن مجرد إعطاء معنى للأعراض العصبية بفضل تفسير تحليلي، يشكل حجة دامغة علي وجود نشاطات نفسية أو على قبول وجود مثل هذه النشاطات إذا أحببت تعبيرا أفضل [...] وهناك اكتشاف قام به برویر - دون أية مساعدة من أحد - وهو اكتشاف اعتبره أنا أكثر أهمية من الأول ، وهو يقدم لنا معلومات أكثر عن العلاقة بين اللاشعور والأعراض العصبية [...] علاقة تتمثل في قيام أحدهما مقام الآخر .
إني أؤكد مع بروير هذا الأمر : كلما وجدنا أنفسنا أمام أحد الأعراض وجب علينا أن نستنتج لدى المريض وجود نشاطات نفسية لا شعورية، ذلك أن النشاطات الشعورية لا تولد أعراضا عصبية والنشاطات النفسية اللاشعورية بمجرد أن تصبح شعورية فإن أعراضها تزول .
إني أؤكد مع بروير هذا الأمر : كلما وجدنا أنفسنا أمام أحد الأعراض وجب علينا أن نستنتج لدى المريض وجود نشاطات نفسية لا شعورية، ذلك أن النشاطات الشعورية لا تولد أعراضا عصبية والنشاطات النفسية اللاشعورية بمجرد أن تصبح شعورية فإن أعراضها تزول .
لكن هذه النشاطات ليست قاصرة على الأمراض العصبية، بل تتعداها إلى مجمل سلوكات الإنسان العادية ؛ ذلك أن كبت هذه النشاطات لا يعني انعدامها أو موتها بل تظل حية وفعالة ومؤثرة تعمل جاهدة على الظهور وتحاول أن تعبر عن نفسها في شكل رمزي مقنع، فيبدو ذلك في فلتات اللسان، وفي بعض مظاهر الفكاهة وفي أحلام النوم وأحلام اليقضة، كما تظهر في بعض الأمراض النفسية . والسبب في عدم ظهورها بصورة صريحة هو أن الرقيب يمنع ظهورها مكشوفة عارية لكن حالما ضعفت سلطته وسلطانه، كما في حالة الإعياء والإرهاق والتخدير أو السكر أو التنويم المغناطيسي ظهرت هذه النشاطات . ويمكن تلخيص المظاهر التي تعبر بها الدوافع النفسية اللاشعورية عن نفسها في ما يلي :
- الأحلام : حيث تعتبر مجالا حيويا وخصبا لتفريغ النشاطات اللاشعورية .
- فتات اللسان : فقا. ينطق الفرد بعكس ما يريد أن ينطق به .
- زلات القيم : وذلك حينما يكتب الفرد كلمات لا يرغب في كتابتها، أو كلمات لها عكس المدلول الذي يرغب ظاهريا في التعبير عنه .- نسيان تنفيذ المواعيد والأعمال .
- النكتة والسخرية من أشخاص أو مواقف .
- الرسوم والأشكال التي يرسمها الفرد لاشعوريا .
ب - الاعتراف بنظرية المقاومة والكبت :
إذ تتكون الدوافع اللاشعورية منذ عهد الطفولة أو في مرحلة الرشد ؛ فالطفل يقع تحت ضغط والديه وضغط المجتمع الذي يضع من القيود ما يحول بين الطفل وتحقيق رغباته . وهو يرغب في الاستقلال بتصرفاته وفي نفس الوقت يرغب في أن يحظى برضا والديه، وإزاء ذلك يستشعر ا صراعا قويا لا خلاص منه إلا عن طريق كبت دوافعه غير المرغوب فيها ونسيانها حتى لا يسبب له تذكرها الشعور بالتوتر والألم والإحباط، إلا أن كل هذه الأمور ( المنسية ) لا تموت بل تعمل عملها في الخفاء وتحاول أن تظهر سافرة صريحة، لكن وجود ضمیر الفرد يمنعها، ولذلك فإنها لا تظهر إلا بصورة مقنعة ورمزية . أما حينما يغفل الضمير أو يضعف فإنها تجد الفرصة السانحة للظهور ويبدو نشاطها في المرض الشديد أو الإعياء أو التخدير أو النوم العميق أو التنويم المغناطيسي.
- النكتة والسخرية من أشخاص أو مواقف .
- الرسوم والأشكال التي يرسمها الفرد لاشعوريا .
ب - الاعتراف بنظرية المقاومة والكبت :
إذ تتكون الدوافع اللاشعورية منذ عهد الطفولة أو في مرحلة الرشد ؛ فالطفل يقع تحت ضغط والديه وضغط المجتمع الذي يضع من القيود ما يحول بين الطفل وتحقيق رغباته . وهو يرغب في الاستقلال بتصرفاته وفي نفس الوقت يرغب في أن يحظى برضا والديه، وإزاء ذلك يستشعر ا صراعا قويا لا خلاص منه إلا عن طريق كبت دوافعه غير المرغوب فيها ونسيانها حتى لا يسبب له تذكرها الشعور بالتوتر والألم والإحباط، إلا أن كل هذه الأمور ( المنسية ) لا تموت بل تعمل عملها في الخفاء وتحاول أن تظهر سافرة صريحة، لكن وجود ضمیر الفرد يمنعها، ولذلك فإنها لا تظهر إلا بصورة مقنعة ورمزية . أما حينما يغفل الضمير أو يضعف فإنها تجد الفرصة السانحة للظهور ويبدو نشاطها في المرض الشديد أو الإعياء أو التخدير أو النوم العميق أو التنويم المغناطيسي.