الاسترجاعية والاستمرارية في التخيل
1. الاسترجاعية بين التخيل والتذكر :
إن الفرق لا يظهر بجلاء بين الذاكرة والخيال لأنهما يتعلقان في بعض الأحيان معا بالماضي، فإذا كان التخيل يعود إلى الماضي كما هي الحال في التذكر، إلا أن التذكر يقوم بحفظ الأفكار واسترجاعها وفق ترتيب معين على المنوال الذي يكون العقل قد حصل عليها بدرجة من الحيوية والقوة والوضوح، بينما يتميز التخيل عنه بالحرية في التصرف في الأفكار، فهناك حالات نفسية لا يمكن أن تكون تذكرة بالرغم من أنها شبيهة بالتذكر، ولكنها لحظات مملؤة بالتخيل لأنه يضيف إليها ما يزيدها كمالا ومتعة أو العكس ؛ هذه الحالات هي التي تمكننا من التفريق بين التخيل وبين التذكر مثل الكرة التي تستعیا۔ الماضي في الحاضر وتعيشه وبالتالي فهو يضيف إلى الماضي من الرغبات والصور ما يجعله يسترجعا أجمل أو أبشع مما كان عليه تبعا للحالة النفسية التي يكون عليها المتخيل
2. الاستمرارية بين التخيل والإدراك :
ليس للعقل الحرية في أن يخلق موضوعات إدراکه ويبدعها على النحو الذي تفعله المخيلة، فعندما يتم إدراك الموضوع فإن ذلك يختلف عن تخيله ؛ إذ يكون | إدراك الموضوع دائما على الصورة التي هو عليها كصورة قوية وحقيقية ؛ أي التي | يتواجد بها مفروضة على الذات المدركة سواء رضيت أم لم ترض، أما في تخيله | فللذات المتخيلة الحرية في التصرف على النحو الذي ترغب فيه، وبالصورة التي | تشاؤها، وفي الوقت الذي تريده ، حتى وإن كانت الصورة فيه خافتة وباهتة ووهمية. | فالإدراك يرتبط بوثوق بالواقع المباشر ، ومع ما هو حاصل فعلا كما رأينا، أما الخيال | - وإن كان يستمد عناصره من الواقع – فهو يكونه على صورة جديدة ".. إذ يتناول الأفكار البسيطة فيفضل ويركب فيما بينها مكونا الصور التي يريدها، كأن يتصور إنسانا برأس طائر [...] لكن هذا العمل ، مهما بلغ من الخيال لا يخرج عما تقدمه الحواس والتجربة "، كما أنه قد يتوجه إلى المستقبل وليس إلى الماضي ؛ كأن يتصور عن طريق التخيل نفسه ما يطمح إليه في المستقبل. ومع أن هذه العناصر يستمدها الخيال من الماضي والحاضر، فهي لا شك تنصهر في كل جديد يجعلها في آن واحد عملية استرجاعية واستمرارية كحالة نفسية خاصة و متميزة .