JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

دافع بالبرهان عن الأطروحة القائلة " إن التخيل إبداع وقدرة على تجاوز الواقع "


دافع بالبرهان عن الأطروحة القائلة " إن التخيل إبداع وقدرة على تجاوز الواقع "

طرح المشكلة :  ما يشاع عنه، الفلاسفة التجريبيين، أن الفكر ما هو إلا مرآة عاكسة لما هو موجود في الواقع، لهذا كانت جميع القدرات العقلية نشاطها مرتبط بالواقع ومعبر عنه، وعليه كان التحميل مجرد تشکیل و استحضار لصور موجودة في الواقع لكن غابت الأشياء التي أحدثتها. يعني أن التخيل استرجاع ألي لصور ماضية سبق التعرف عليها. لكن هناك فكرة تناقضها يعتقد أصحابها أن التخيل عملية عقلية تعبر عن الإبداع والانفتاح الفكري، وتجاوز الصور الحاضرة والتحرر منها وابتكار صور جديدة. وهذا ما يدعونا لطرح الإشكال التالي: كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة التي نعتقد أن التخيل إبداع وتحاوز للواقع؟ وكيف يمكن إثبات صحتها وتبنيها؟

محاولة حل المشكلة: " عرض منطق الأطروحة: إن أساس هذه الأطروحة يدور حول وظيفة العملية التخيلية، ودورها في التعبير عن الإبداع والقدرة على الابتكار وتجاوز الواقع وصوره الإدراكية. مما يعني أن التخيل إنشاء الجديد، وتشكيل للمختلف، ونفوذ إلى ما وراء الواقع المألوف. و تقوم هذه الأطروحة على المسلمة القائلة: أن التخيل مرتبط بالمستقبل، وبما يأمله الإنسان للغد، وما تدفعه إليه طموحاته قصد التغيير وخلق صور لا مثيل لها في الواقع.
ويؤكد أنصار هذه الأطروحة وعلى رأسهم: "غاستون باشلار"، "ابن سينا"، "دیکارت" وغيرهم، أن التخيل برغم اعتماده على عناصر الواقع، لأن الذات لا تتعامل إلا مع مدركاتها، فإنه يتجاوز ذلك ويتحرر منه، ويعمل على تشكيل وتغيير الصور على النحو الذي تشاؤه الذات وفي صور جديدة، وبناءات وهمية لا مثيل لها في الواقع حتى قال "ديكارت" متهكما: "يمكنني أن أتخيل حصانا يطير" وصرح "لالاند": "أن التخيل ملكة تركيب شيئا لا واقعيا ولا موجودا" - ويذهب "غاستون باشلار" إلى أن التخيل ليس هو تشكيل الصور الواقع، واستحضارها بل هو قدرة على التملص من الواقع وحدوده وانفتاح فكري على إبداع الجديد، وخلق صور وهمية غير مألوفة، يقول: "التخيل ليس ملكة تكوين الصور، بل هو ملكة تغيير الصور التي يقدمها من الإدراك". ويقول: "هو الملكة التي نتحرر بهما من الصور الأولى...". وهذا ما أكده " ابن سينا" قديما بقوله: "التخيل هو قدرة العقل على التصرف في الصور بالتركيب والتحليل". و عليه كان التخيل: "قدرة إنسانية تخترق بها الأشياء، وننفد بها إلى ما وراء الواقع". كما هو الحال في الخيال الأدبي والفني والعلمي وغيرهم من المظاهر الإبداعية.

و عرض منطق الخصوم ونقدهم:
 حيث يذهب هؤلاء الخصوم إلى القول بأن التخيل قوة مصورة في الذات، مبنية على أساس الاسترجاع للصور الماضية التي مرت بالإنسان وعايشها، وتعرف عليها بالإدراك، لكنها مشوهة ومنقوصة من حدود الزمان والمكان، فالتخيل عملية مرتبطة بالإنسان وتجاربه المختلفة، لهذا يؤكد "جون ستوارت مل": "أنه لا وجود لخيال صرف منفصل عن الواقع" . أما عن الصور الوهمية المختلفة فهي لا تنشأ إلا عن تصوير حسي کاذب، ناتج عن خطأ في كيفية تأويل المدركات، وبالتالي فالتخيل ما هو إلا تعبير عن الواقع بصور مختلفة

النقد : - لكن هذا الموقف اختزل عملية التخيل في استرجاع الصور الماضية التي اكتسبها الإنسان من واقعه. وفي هذا خلط واضح بين أنواع التخيل لأن هؤلاء حصروا التخيل
كله في النخيل التمثيلي و تغافلوا عن التخيل الإبداعي ودوره في التعبير ع ن حقيقة الإبداع والابتكار عند الإنسان. كيف نفسر أعمال الفنانين والأدباء والعلماء الباهرة بإنجازهم صور جديدة كل حسب میدانه. مما يشهد لهم بالإبداع والابتكار، ولم يسبق أن تمثلت تلك الصور من قبل؟
كما أنه لو لم تكن هناك مقدرة خيالية إبداعية كيف نفسر اختلاف الناس أمام عمليات الإبداع والابتكار والاتيان بالجديد، أليس كل بحسب مقدرته وسعة خياله واستعداده؟ وكل هذه الانتقادات تشهد لأطروحتنا وتدفعنا للبحث عن حجج شخصية لدعمها:

" دعم منطق الأطروحة بحجج شخصية إن الواقع لا يفي في كثير من الأحيان بحاجات الإنسان، بل إن طبيعة الإنسان لا ترضى بأي واقع معطى، حتى وإن كان واقعا رفيعا. لهذا كان تاريخ البشرية سعي متجدد لفهم الواقع، ونزوع لا محدود إلى تغييره، ودافعه في ذلك كله حاجة ملحة من داخل الذات للبحث عن المعين أو العزم على إنشائه، وولادة ذلك كانت بعمل الخيال. في الفن والعلم والأدب والتقنيات المختلفة. فالتخيل دليل على خ صوبة الفعل، تتجاوز المألوف، وحدود الواقع يقول: "شوبنهاور": "ليس المهم أن نرى شيئا جديدا، بل الأهم أن نرى معنى جديدا في شيء يراه كل الناس". ويؤكد الفيزيائي "تندول" أهمية الخيال في تشكيل الإبداع والتعبير عنه بقوله: "كان انتقال نیوتن من تفاحة إلى قمر ساقط عملا من أعمال الخيال المتأهب ومن بين الحقائق الكيميائية، كما استطاع خیال "دلتون" البناء أن يشيد النظرية الذرية". وكل هذا يشهد أن التخيل تحرر وإبداع وقدرة على الابتكار وتجاوز الواقع.

حل المشكلة: نستنتج أن الأطروحة القائلة: "أن التخيل إبداع وقدرة على تجاوز الواقع" أطروحة صحيحة ومشروعة وقابلة للدفاع عنها.


 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة