JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

تحليل نص زكي نجيب محمود في طبيعة الرياضيات


تحليل نص زكي نجيب محمود في طبيعة الرياضيات
طرح المشكلة:
 لقد اعتقد "فيثاغورس" قديما "أن الأعداد تحكم العالم"، وأنها تعبر عنه بلغة مضبوطة ويقينية، وكأن الكون نظام معقول، تتفق فيه الشؤون الرياضية مع الظواهر الكونية وقد زاد من تأكيد هذا التصور ما بلغته الرياضيات الحديثة من دقة في المفاهيم، وحضورية في النتائج وطرق الاستدلال، مما مكنها أن تحتل النموذج الأرقى في المعرفة، بل دفع بالبعض إلى الدعوة لاتخاذ لغتها ومنهجها كمعيار تقاس عليه كل العلوم الأخرى إذا أرادت لنفسها أن تبلغ الدقة واليقين. هذا الاعتقاد هو الذي حرك صاحب النص للرد على هؤلاء وإظهار حقيقة الرياضيات الحديثة وطابع البناءات النسقية التي تحكمها، وبناء على هذا نتساءل هل الرياضيات هي لغة اليقين والصدق المطلق؟ وهل يمكن اعتبارها معیار اليقين الذي يجب اعتماده في كل العلوم ؟  

 في محاولة حل المشكلة :
 إن اعتبار اليقين الرياضي ونتائجه المطلقة مبرر لجعل العقل مصدر المعرفة وجعل طريقته الاستنتاجية في الاستدلال معیار و مقیاس صدق النتائج وبلوغ اليقين في المعرفة هو حسب صاحب النص إدعاء قد تجاوزه الزمن، وأظهرت فساده الإبداعات الحديثة في الرياضيات، والتي أكدت أن الرياضيات ليست يقينا مطلقا ثابتا، بل هو فقط إبداعات وافتراضات يضعها العقل الرياضي وفق انسجام و توافق منطقي صوري لا أكثر. مما يعني أنها ليست نهائية ولا لازمة.
و يؤ كد "زکی نجيب محفوظ  " أن الفلاسفة العقلانيين والمثاليون، وما كانوا يستندون إليه في رد معيار الصاق إلى العقل، واعتماد الاستنتاج للبرهنة على القضايا بوضع مقامات أولية مسلم بصدقها للوصول إلى ما يلزم عنها من نتائج بالضرورة. ودعوة العلوم الأخرى للاقتداء به، واعتماده.. هو تصور قد كذبه وفنده تاریخ الفكر الرياضي الحديث وتطوراته الجديدة التي حدثت خاصة في مجال التحليلات الرياضية المنطقية، ومن أهم روادها "برتراند رسل" و"جورج بول" وغيرهم، وهذا ما تدل عليه عبارة النص "لقد كان الفلاسفة العقليون، والمثاليون فيما مضى، يرون في يقين الرياضيات أقوى سند..." "كان ذلك هو الموقف إزاء الرياضيات ويقينها، حتى جاءت التحليلات الرياضية المنطقية الحديثة.". و يبين "زكي نجيب محمود" أن الرياضيات تتمایز و تختلف عن العلوم التجريبية اختلافا جوهريا من حيث الموضوع، والمنهج والنتائج، لذلك لا يجوز المقارنة بينهما أو جعل أحدهما تابعا للآخر، أو مرتبطا به، لأن العلوم الطبيعية مرتبطة بالواقع وظواهره المادية لذلك فهي لها منهجها الذي ينسجم معها وكذا أساس الصدق فيها، أما الرياضيات فهي علم صوري أساسه المجردات العقلية، ترتبط بالمنطق وتتفق معه في المبادئ والقواعد، وطرق البرهنة والاستنتاج، بل إن كل رياضي هو منطقی بالضرورة، ومقياس الصدق عندهم هو الاتساق والتوافق بين المبادئ المعتمدة وعدم تناقضها. أي تحقيق انطباق الفكر مع نفسه وانسجامه مع ذاته، دون مراعاة للواقع وظواهره، وهذا ما يجعل من الرياضيات المعاصرة (الأكسيومية) أنساق وبناءات متعددة ينشئها العقل الرياضي، وفق اصطلاحاته و افتراضاته
كإبداعات واجتهادات استنتاجية جوهرها الصدق المنطقي، والانسجام بين أجزائها، لهذا قيل: "كثر الأنظمة في الهندسة دليل على أن الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة". و هذا ما يجعل العقل الرياضي متحرر، و منفتح على الإبداع المستمر لأنه لا يتحدد بالواقع ولا بقوانينه وتشخيصاته، فهو فضاء صوري بخرد.

الصيغة المنطقية للحجة:
- إما أن تكون الرياضيات مبادئ يقينية مطلقة أو أنها مجرد افتراضات ي ضعها العقل.
- لكنها مجرد افتراضات يضعها العقل، إذا: فهي ليست مبادئ يقينية مطلقة.
- لكن برغم الاختلاف بين الرياضيات كعلم صوري مجرد، وبين العلوم الطبيعية
كعلوم واقع، وبرغم تمایز معايير الصدق بينهما، فهذا لا يعني القطيعة بينهما، بل على العكس من ذلك فإن ما بلغته الرياضيات من دقة في لغتها، ومنهجها مكنها من أن تكون "سيدة العلوم و خادمتها" والأداة الضرورية التي تستخدمها العلوم للتعبير عن نتائجها (لغة العلم)، ومن ناحية أخرى فإن اليقين الرياضي لا يتزعزع ولا نشك في قيمته إذا حكمنا عليه في نطاق أنساقه وسياقاته البرهانية مادام الرياضي وفيا ومنسجما مع مبادئه التي ينطلق منها.

في حل المشكلة:
 إن اليقين والصدق في الرياضيات الحديثة لا يتحدد ولا يكتسب قيمته إلا إذا أدرج في النسق الذي ينتمي إليه بعيدا عن كل تناقص، لكن هذا لم ينقص من قيمتها بل أهلها لأن تكون أخصب العلوم وأكثرها إبداعا، مما جعل كل العلوم تسعی الاعتماد لغتها والاستفادة من طرقها البرهانية من جهة الوضوح والخصوبة. لهذا صح أن نقول عن الرياضيات: أنا سيدة العلوم وخادمتها.
 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة