JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

هل الأسرة وظيفة بيولوجية أم ضرورة اجتماعية ؟ - مقالة جدلية


"هل الأسرة وظيفة بيولوجية أم ضرورة اجتماعية؟

الطريقة جدلية

.
طرح المشكلة:
 إذا كانت الأسرة بناء اجتماعي، يعبر عن جماعة أولية مستقرة تتكون من أبوين وأولادهما، تظهر كثمرة لنظام الزواج، لكن شكل الأسرة ككيان اجتماعي ليس نموذجا ثابتا، بل هو شكل تطور عبر العصور، وعبر عن طبيعة المجتمعات وظروفها و اعتقاداتها، ونظرها إلى رابطة الزواج، وهذا ما ولد الاختلاف بين الدارسين في النظر إلى دور الأسرة والوظائف الأساسية المنوطة بها وهنا نجد أنفسنا أمام الإشكال التالي: "هل الأسرة مجرد وظيفة بيولوجية أم ضرورة اجتماعية؟"


في محاولة حل المشكلة:
عرض الأطروحة (الموقف الأول):
إن التصور التقليدي ينظر إلى الأسرة، ويعتبرها رباط محصور في الوظيفة البيولوجية فالأسرة تقف عند حدود المحافظة على النسل، ورعايته ماديا ونفسيا، فالنوع الإنساني لا يستمر وجوده إلا من خلال إنجاب الأطفال وحمايتهم من خلال المعاشرة الزوجية الغريزية المضبوطة بقيم وشروط. من هنا كانت المهمة البيولوجية من المهام الأساسية للأسرة، وذلك بضبط السلوك الجنسي عند الإنسان من جهة، والمحافظة على النوع الإنسان من جهة أخرى، لهذا اعتبر "هيجل": "الأسرة مجرد وحدة محسوسة تقوم على الحب.... والدليل على هذا أن الزواج عندما شرع لم يكن يهدف إلى الجمع بين رجل وامرأة، بمقدار ما كان يرمي إلى استمرار النوع الإنساني، وربط الآباء بالأبناء في حبل من الولاء والعناية من هنا كان الزواج يذبل مع انعدام الأبناء، و از در م ع إقبالهم بل إن الأسرة الخالية من الذرية تعتبر أسرة ناقصة، ولا تؤدي مهمتها الإنسانية على أكمل وجه. كما أن المتأمل إلى بداية الحياة الإنسانية يدرك هذه الحقيقة، ف "آدم" عليه السلام الذي كون أول أسرة، والتي انبثقت عنها الذرية، وآخذت تتفرع وتزداد وتتسع إلى اليوم ... وكل ذلك يؤكد أن الأسرة هي المؤسسة الطبيعية التي تمكن من اشباع الدوافع الغريزية البيولوجية، بمقتضى المعاشرة الزوجية، وما يترتب عنها من عملية التناسل للمحافظة على بقاء الوجود الإنساني واستمراره.
النقد :
 - لكن هذا التصور ينقص، ويحط كثيرا من قيمة الأسرة الإنسانية، لأن الزواج الإنساني ليس مجرد تزاوج يحدث بطريقة آلية، تفرضه الغريزة مثلما هو الحال عند الكائنات الحية الأخرى، بل هو زواج يخضع لنظام اجتماعي، وتحكمه قيم وقوانين. كما أن ربط الأسرة بالوظيفة التناسلية فقط، يجعل من الأسرة غير ضرورية تماما، لأن هذه الوظيفة يمكن تحقيقها خارج نطاق الأسرة، كالمساكنة، والمخاللة ، أو المخادنة ... ولكن كل هذه الطرق تؤدي إلى تنوع المفاسد، واختلاط الأنساب، وغياب شرعية الأطفال ... ويصير المجتمع كالمجتمع الحيواني ... مما يجعلنا نستنتج أن للأسرة ضرورة إنسانية واجتماعية لا بد منها.
نقيض الأطروحة (الموقف الثاني): 
إن الأسرة هي الخلية والبذرة الأساسية في تكوين الحياة الاجتماعية، فهي الوحدة الاجتماعية المبنية على الزواج، مما يعني أن المجتمع ما هو إلا مجموعة خلايا أسرية يتفتح ضمنها الأفراد، ويكتسبون من خلالها نماذج السلوك الاجتماعي، وأساليب الانسجام معه ومن هنا نفهم مقولة "أجاست کونت": "إن المجتمع الإنساني يتألف من الأسر لا من الأفراد". وهذا ما يجعلنا نعي أن الأسرة ضرورة اجتماعية، وشرط أساسي للبناء الاجتماعي، فالأسرة هي المؤسسة الأولى التي يتلقى فيها الأفراد أهم دروس الحياة الاجتماعية، و معرفة الحقوق والواجبات نحو الأسرة والمجتمع والوطن | زيادة على أن الأسرة هي الحضن القاعدي لتلقين الأفراد القيم والمعايير الأخلاقية السلوك السوي، وأساليب التوافق الاجتماعي. كما تؤسس الأسرة الأعمدة التضامن والقوة داخل المجتمع فتعطيه تماسكا واستقرارا من خلال روابط الزواج، والقرابة، وما ينتج عنها من رابطة الدم، وصلة القربى والرحم، وبالتالي شرعية الأطفال والعلاقات، وضبط الأنساب، وفق معايير محددة، اجتماعيا وعقائديا، وقانونيا. ضف إلى هذا أن الأسرة قد يكون لها تأثير سلبي كبير على المجتمع وقواعده، فالأسر التي تعاني المشاكل والاضطرابات، هي في الحقيقة مشاكل المجتمع، لأن الأسر المنحلة والمفككة، ينشأ عنها مجتمع منحل و متفكك، لذلك كان المجتمع السليم هو المجتمع الذي يحرص على إبقاء الأسرة وصيانتها، والأسرة الصحيحة هي الوحدة الاجتماعية التي تعمل على الاحتفاظ بنجاعتها الأخلاقية والاجتماعية.
 النقد :
- غير أن هذا الاتجاه واجهته انتقادات شديدة تؤكد أن الأسرة ليست ضرورية لأنها معرضة للزوال والتلاشي أمام فقدان أهم وظائفها داخل المجتمع. كما يرى أصحاب النزعة الماركسية أن الأسرة مؤسسة سلبية وغير ضرورية لأنما تزرع الأنانية بين الأفراد، وتعيق محو الفوارق الاجتماعية لذلك دعوا إلى إلغائها. زيادة على أن الأسرة سجن اجتماعي يفرض سلطته على الفرد ويقيد كل أبعاد حريته وهذا ما دفع "أندري جيد" ليوجه لعنته وسخطه على الأسرة بقوله: "إلي أكرهك". أي رفض قيودها وهيمنتها والدعوة إلى التحرر منها...
التركيب: إن الأسرة مؤسسة اجتماعية ضرورية، ولا شك في ذلك، ولكن هذا لا يمنعها ولا يتعارض مع القيام بوظيفتها الأساسية والأولى: وهي الوظيفة البيولوجية بمقتضی المعاشرة الزوجية المحددة شرعا وقانونا كمعايير اجتماعية وتعبر عن أسس التوافق والانسجام الإنساني.
حل المشكلة: إن الأسرة کیان متعدد الوظائف، فهي الإطار الذي يوجد فيه الفرد ويشبع حاجاته البيولوجية، وفق محددات ومعايير اجتماعية، فالأسرة تكتسي بعدا طبيعيا و بعدا حضاريا في نفس الوقت، لذلك تشكل محل قوة الفرد، و محل خلق المجتمع. ومن جهة أخرى فالأسرة ضرورة اجتماعية لأنها مؤسسة فاعا. ية تشرف علی أفرادها وتعدهم جسديا ونفسيا وعقليا واجتماعيا لتجعلهم نماذج قادرة على التكيف والتأقلم مع مختلف الظروف.

 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا

هل الأسرة وظيفة بيولوجية أم ضرورة اجتماعية ؟ - مقالة جدلية

الاسمبريد إلكترونيرسالة