JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

كذب بالبرهان الأطروحة القائلة : "إن ما يميز الشغل هو بعده الاقتصادي" .


كذب بالبرهان الأطروحة القائلة : "إن ما يميز الشغل هو بعده الاقتصادي" .

 الطريقة استقصاء بالرفع.
طرح المشكلة:
 المعروف عن طبيعة العمل أنه فاعلية إنسانية هادفة إلى تحقيق أثر نافع، فعليه تتوقف حياة الأفراد، باعتباره وسيلة كسب الرزق وصون كرامة الإنسان وحمايته من الانحراف، فالعمل عبادة حسب الشريعة الإسلامية، لكن هناك رأي يعارض هذه الفكرة ويختلف معها، يذهب أصحابه إلى حصر حدود العمل في تلبية الحاجات المادية للإنسان و مطالبه الاقتصادية، وبالتالي ربطه بالأبعاد المادية وتحقيق الثراء والازدهار الاقتصادي رغم أن حقيقة العمل الإنساني وأهدافه تحمل دلالات أوسع من الأبعاد المادية، وهذا ما يدفعنا للشك في صدق هذا الرأي وفساد ما يذهب إليه : فكيف يمكن تكذيب هذه الأطروحة التي تعتبر ما يميز الشغل هو بعده الاقتصادي؟

في محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة : 
إن العمل جهد نافع، سواء كان جهد عضليا أو فكريا فهو يهدف إلى تحقيق أثر، وذلك بالتأثير في الطبيعة و تغييرها إلى صورة نافعة ومفيدة للحياة، وهذا ما يجعل العمل مرتبط أساسا بالأبعاد المادية الاقتصادية و تلبية احتياجات الإنسان، و تحقیق الرفاهية والازدهار الاقتصادي وكثرة الإنتاج وتكديس الثروة وتستمد هذه الأطروحة تبريرها من المسلمة القائلة أن العمل إنتاج أولا وقبل كل شيء، وبالإنتاج تلبى مختلف الحاجات والمطالب الضرورية للأفراد والمجتمعات، فالعمل إفادة واستفادة . كما أن العمل هو الوسيلة الوحيدة عند الإنسان لتحقيق تطور المجتمعات وازدهارها، ولا قيمة لأي تطور إلا بالرخاء الاقتصادي وكثرة الإنتاج كغاية أسمى للشغل. ويمكن تأكيد هذه الأطروحة بمجموعة براهين أهمها:
- إن بقاء الإنسان و استمرار نوعه مرتبط بتحقيق ضروراته البيولوجية وهذا ما يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج لسد وتلبية مطالبه واحتياجاته، فالمجتمعات القديمة كانت غاية العمل عندها هو تحقيق الإنتاج وفقط.
 - كما أن التعاون الحضاري بين الأمم، لا يعود إلى كثرة أفرادهم وقلتهم، بل يعود إلى التفاوت في العمل والجهد المبذول وفعالية الإنتاج...
- زيادة على أن الشعوب ترقى برقي اقتصادها وتضعف بضعفه، وما الأزمات الإنسانية المختلفة عبر العصور إلا انعكاس للعمل وإنتاجه إيجابا أو سلبا.

نقد موقف أنصار الأطروحة:
إن موقف أنصار هذه الأطروحة وخاصة أصحاب الاتجاه الرأسمالي الذين يجعلون العمل رهينة الأبعاد الاقتصادية، والإنتاج والاستثمار، واعتبار قيمة الأفراد ومكانتهم تتجلى من خلال القيم الإنتاجية، والمكانة الاقتصادية... هو موقف يرهن حقيقة الإنسان وماهيته وقيمه، بل يسلب الإنسان أبعاده الروحية، فتغيب قیم التعاون، والتكافل والرحمة، والإخاء الإنساني، وتبرز قيم الربح والاستغلال والمضاربة، والسيادة للغة المال...
ومن جهة أخرى فالعمل الإنسان من ا.د الأبعاد، وتوجهه إرادة الإنسان الواعية، مما جعله يترك آثار إيجابية على الفرد وعلى الجماعة من حيث أنه يصون كرامة الإنسان ويحميه من الانحراف والرذيلة، كما يخلق فيه نوعا من التوازن النفسي ويبعده عن القلق و حالات الاكتئاب والتوتر ... ويكسب صاحبه فوق هذا مكانة اجتماعية، ويقوي الشعور بالتعاون وتكامل الوظائف، أي إيجاد تضامن اجتماعي بين الأفراد بصورة آلية، من هنا نجد المجتمعات العاملة يسودها التضامن في حين أن المجتمعات العاطلة والساكنة تنتشر فيها المفاسد وجميع الأوبئة الاجتماعية. كما أن العمل في الإسلام يتجاوز البعد المادي ويرتقي بصاحبه الساعي إلى الرزق والكسب الشريف إلى مستوى العبادة والتقرب إلى الله.
إبطال الأطروحة:
إن العمل الإنسان لا يمكن حصره في البعد المادي الاقتصادي فقط ، لأن ذلك يؤدي إلى تجريد العمل من طابعه و محتواه الإنساني، ودلالته القيمة المختلفة، ويحول الإنسان إلى مجرد آلة للإنتاج، وما يترتب على ذلك من استغلال، وفقدان الروح الأخلاقية.
كما أن البعد الاقتصادي وكثرة الإنتاج وتراكمه نتيجة تزايد الأعمال قد يكون له آثار سلبية، فيؤدي إلى التضخم وحدوث الأزمات الاقتصادية، وما يترتب علی ذلك من انعكاسات سلبية على المجتمعات الإنسانية . كما أن ربط العمل بالبعد الاقتصادي وحده، هو منطق يمكن للبقاء للأقوى ولا مكان فيه للضعفاء ومن لا قدرة له على المحاكمة، وواقع الكثير من الشعوب يثبت ذلك، فهي تعان في غالبيتها البؤس والفقر، والاضطرابات الاجتماعية... وزيادة على كل ذلك فالعمل المادي وحده لا يمكنه تشیید حضارة، لأن قوة الحضارة وسيادتها مرهون بمحيط متكامل من القيم، كالمستوى العلمي، والنظام الاقتصادي والنظام السياسي...
كل هذا يؤكد أن الشغل لا يتميز بالبعد المادي فقط، بل له أبعاد ودلالات إنسانية أخرى تميزه وتثبت قيمة العمل كمعبر عن كرامة الإنسان و جهده .
حل المشكلة: إن الشغل عند الإنسان ليس مرهون بالبعد الاقتصادي وحده، لأن له الكثير من الأبعاد والدلالات الإنسانية التي تحمل الكثير من القیم کالأبعاد الاجتماعية والنفسية، والأخلاقية، وغيرها ... وهذا ما يجعلنا نؤكد أن الأطروحة القائلة: "إن ما يميز الشغل هو بعده الاقتصادي" أطروحة كاذبة ولا يمكن الأخذ بها.
 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا





الاسمبريد إلكترونيرسالة