JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

دافع عن الأطروحة القائلة: "إن التطور العلمي متوقف على تطور التفكير الرياضي".

                                    دافع عن الأطروحة القائلة:
"إن التطور العلمي متوقف على تطور التفكير الرياضي".
استقصاء بالوضع.

طرح المشكلة:
 المعروف أن التفكير العلمي هو المعرفة التي تحتكم إلى سلطة التجربة كمقياس للعلمية والحكم على قيمة العلوم، وقد استطاع هذا المنهج في المعرفة أن يحقق انفجارا معرفيا في جميع الميادين والمستويات، فقد صار هذا التفكير العلمي يحظى بالتقدير والثقة في نتائجه وفي طريقته البرهانية، التي أدت إلى تطوير الكثير م ن الميادين ومنها التفكير الرياضي. غير أن هناك من يعتقد العكس من هذا تماما، ويرى أن التطور العلمي وما وصل إليه من دقة ونتائج مرتبط و متوقف على التفكير الرياضي ودقته لأن الرياضيات هي علم النظام والقياس و بالتالي فهي سيدة العلوم والمعبرة عنها، فكيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة القائلة أن تطور العلم متوقف على تطور الفكر الرياضي؟ وكيف يمكن إثبات مشروعيتها؟

في محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة:
إن الحقيقة التي تؤكدها دراسة تاريخ العلوم والرياضيات، على أن هناك علاقة وطيدة بين التفكير العلمي، والتفكير الرياضي، وتكشف عن انعکاس نتائج تطور كل مرحلة من مراحل تطور الفكر الرياضي على التفكير العلمي واستفادة ه ذا الأخير من الإبداعات الرياضية و ابتکاراتها العقلية المختلفة. وتؤسس هذه الأطروحة على مجموعة مسلمات: فالتفكير العلمي ما كان ليصل إلى مستوى بناء القوانين العلمية لولا تحاوزه التعبيرات الوصفية المبهمة والارتقاء إلى الصيغ الكمية الرياضية ، فالقوانين العلمية بالرغم من أنها مستخرجة من التجربة، إلا أنها لا تكتسي صبغة العلمية إلا إذا تم التعبير عنها رياضيا. وهذا ما يؤكده "بوانكر" بقوله: "إن الرياضيات هي اللغة الوحيدة التي يتكلم بها العلم". فالمتتبع لتاريخ العلوم الرياضية يلاحظ أن التفكير الرياضي قد تطور عبر مراحل أساسية، عملت على بلورة الحقيقة الرياضية، وبنيتها المنطقية، فالرياضيات عند اليونان ثم العرب المسلمين، مرورا بالقرن السابع ع شر وتحليلات "ديكارت" ووصولا إلى منتصف القرن التاسع عشر وما ظهر فيه من ابتکارات رياضية، وما أنتجه من فيض إبداعي أدت إلى تحديد الفكر الرياضي نفسه، ومعيار الصدق فيه، كل تلك المراحل كان لها أثرها على تطوير الفكر العلمي، ودفعه إلى الإبداع والتقدم، فالتقنيات المستعملة في العصر اليوناني في مجال الصناعة والبناء كانت قائمة على الحسابات الهندسية السائدة، وكذلك الحال عند الفراعنة المصريين في بناء الأهرامات.
كما أن الدراسات الفلكية عند المسلمين واختراع الآلات الحسابية، كان بفضل الحساب الدقيق، وتطور مفهوم العدد عندهم، إضافة إلى أن ظهور الأنساق الأكسيومية في الرياضيات المعاصرة كان له الأثر الكبير في انتقال الفيزياء من المرحلة الكلاسيكية مع "نيوتن" (المطلق) إلى ظهور الفيزياء النسبية المعاصرة مع "أنشتاين" مما يؤكد الأثر الإيجابي الذي تلعبه الرياضيات في تطوير الفكر العلمي

عرض منطق الخصوم ونقدهم
 غير أن هناك من يرى أن العكس هو الصحيح، وأن التفكير العلمي هو الذي له بالغ الأثر في جميع الميادين ومنها الرياضيات، نتيجة طريقته التجريبية الموضوعية وما يصل إليه من قوانين وتأثيرها المباشر على الواقع وتطويره، وعلى الفكر وتنميته، لأن المفاهيم العلمية والثقافية السائدة في عصر ما هي التي تدفع وتحرك الفكر الرياضي لاستنتاج  و إبداع بعض المسلمات والمبادئ وبنائها في أنساق معينة تقبلها الروح العلمية السائدة .
النقد :
لكن لو كان هذا الموقف صحيحا، كيف نفسر تبعية جميع العلوم للرياضيات و تنافسها في توظيفها؟ أليس هذا دليل على أثر الرياضيات في العلوم ودفعها للتطور؟ لقد قال "برغسون": "إن العلم الحديث هو ابن الرياضيات". مما يؤكد أن التفكير العلمي وتحاربه لا تكفي لبناء العلم ولا القوانين، إلا إذا تدخل العقل واستخدم اللغة الرمزية الرياضية، ليعطى للتفكير العلمي الدقة واليقين والصيغ القانونية المقبولة، وهذا دليل على قيمة الرياضيات وأثرها في العلوم.
دعم الأطروحة بحجج شخصية:
 لقد أحدثت الرياضيات بلغتها ومنهجها ثورة معرفية في مجال التفكير العلمي بصورة كلية، حيث أخرجت العلوم التجريبية من الدراسات الوصفية، وحولت الكيفيات إلى كميات تصاغ في قوالب رياضية (معادلات، رسوم بيانية...)، فالفيزياء الرياضية لم تنشأ إلا يوم فكر "كبلير" و"غاليلي" و"نيوتن" في استخدام الأعداد من أجل معرفة الكون المادي، كما أن الأعداد المركبة تصلح لقياس خصائص التيارات في مجال الكهرباء، إضافة إلى أن علم الفلك لا يمكنه أن يتأسس كعلم ذا قيمة إلا بفضل اعتماد التقديرات الكمية، فالعالم "لوفيريي" حكم ریاضیا بضرورة وجود الكوكب "نبتون" قبل أن يعرفه الجمهور، ويشاهده الملاحظون الفلكيون. وكل هذا يؤكد قدرة الرياضيات وأثرها على تطور التفكير العلمي.
حل المشكلة :
 نستنتج أن نتائج تطور الفكر الرياضي لها انعكاس كبير على تقدم التفكير العلمي وتطوره، فقد صارت الرياضيات آلة ضرورية لجميع العلوم، وأن تطور المعرفة العلمية متوقفة ومبنية عليها، ولهذا نحكم بصحة هذه الأطروحة ومشروعية الدفاع عنها.
 تحميل المقالة على شكل PDF هنــــــا


الاسمبريد إلكترونيرسالة